إلى خالد الكركي .. كلام في نقابة المعلمين
د. سمير حمدان
18-01-2011 03:31 AM
اسمح لي أن أخاطبك باسمك الذي تعب أبواك الكريمان حتى وجدوه لك كما تؤكد ذلك فيروز الأنيقة كل صباح . فخالد من الخلود والخلود لواحد أحد مالك الكون وما فيه ، وإن لك من الخلود نصيباً إن كنت ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
فالإنسان قبل حمل الأمانة يوم أن عافتها الجبال وما فيها من أثقال . وقبل أن يكون في العموم إن جحد ظلوماً جهولاً وإن رشد خيراً ونبيلاً. تبقى الأسماء وتزول الألقاب ..فعند الموت ، يقال مات فلان ويكتب على شاهد قبره اسمه خالياً من النعوت التي هي في اللغة لواحق لا لواصق.
أما بعد .. نعرفك وعرفناك أردنياً أصيلاً ومنحازاً دائماً لوقع خطوات يراعك الذي إن كلّ فلا تكل .وأعرف أنك تحب أن تقرن أردنيتك بالعروبة اللفظ الأشمل والأعم قبل أن تداهمنا الاستفتاءات وتقسم الجهات جنوباً وشمالاً ، وتجعل التقسيم عند بعض الولاة يوم فرح لا ترح.
فأنت من تربيت في مدرسة سيف الدولة وابن عمه المتنبي الذي جعل من القلم والقرطاس سيوفاً تقطع أعناق أعتى الغزاة . نثق بأن قلمك لن يضل طالما يستمد حبره من وقع سنابك الخيل في مؤتة أخت الربة ، ولا يخط إلا بالحق على الورق المبلل بعرق المعلمين .
أنت تعلم وبدون شك بما يتنازع الأرض في جهاتها الأربع وكأنها تحمل اليوم بعشرات التوائم التي تستعجل النور . وقطعة أرضنا ليست استثناء . فبعد سنوات الصبر والرضا تحرك المقيدون وكسروا بالدم ما طوق أعناقهم من قهر، وطل قمرهم المنير، وأصبح الزين شيناً ...لا عزوة ولا خلان بل عتمة ونسيان . نعلم أن بلادنا تمر في أزمة اقتصادية وربما ثقافية وحضارية واجتماعية ولها أسباب خارجة عن الإرادة وأخرى في متناولها . لا عذر لنا في إلقاء تبعاتها على ثلة من الخارجين على القانون أو على مجموعة من المندسين . إن من أوصلنا إلى ما نحن فيه أخوة وأبناء وأباء توسمت فيهم قيادتنا الخير، ولكنهم للأسف كبلوا أطفالنا وأطفال أطفالنا بمديونية تئن تحت وطأتها الجبال وهربوا بما سلبوا لأن أطفالهم ليسوا كأطفالنا .
أنت الآن نائب لرئيس الوزراء ووزير للتربية والتعليم ، ويستصرخك المعلمون لتكون في صفهم لتحقيق مطلبهم في نقابة ترعى شؤون مهنتهم . ونعلم أنك تجلس على إرث ثقيل لعل أهمه ما جاء به مجلس التفسير الذي أفتى بحرمة إنشاء نقابة للمعلمين. وجاء ذلك التفسير في فترة لم يكن في زمنها مساحة لإعمال العقل لاعتماد أصحابها على فلسفة النقل . وأنت خير من يعرف أن من ألّف ذلك النص قد مات ، ولا يجوز لنا القبول في فتوى لم يعد يتوافر لها شروط الحياة . فالنص الإنساني مدفوع برغبات شخصية ويقبل التأويل والتقويل والتطويل والتقصير. فبلادنا فيها نقابة للممرضين وللمحامين وللمهندسين ولتجار المحروقات ولتجار الألبسة ووو.... فكيف لا تكون نقابة لأبيهم المعلم الذي علمهم بالقلم ما كانوا لا يعلمون . هل ضاقت الأرض بما رحبت على المعلمين ؟
نثق بك ونثق بأن الحيلة لا تنقصك،ونثق بأنك ليس من المارين عبر الوزارات (عذراً لمحمود درويش ) دون أن تسجل باسمك علامة تضاف لسجلك الشرفي .
أنت كركي والصرخة الموجعة انطلقت من الكرك ووجدت صداها في إربد عرار ومفرق الجبين وعجلون الزيتون وزرقاء العينين وأغوار الشهداء ...فهل سمعتها ؟
نحسب أنك ممن لا تذهب ريحهم سدى ..فبادر للمساهمة في تلبية رغبات المعلمين وجنبهم مواجهة القلم مع الهراوة ولا تسهم في تسييل دموعهم أن اعتصموا بحبل الله وحب القائد والوطن ، لأن المعلمين إن بكوا ....سيبكي الجميع ربما دماً لا دمعاً .
حفظ الله الأردن مملكة ومنارة للعلم والكد والعرق والأيمان .