أين هو الاستبداد ياشيخ همام؟!
صالح القلاب
18-01-2011 03:03 AM
على الذي قال في اعتصام ما بعد ظهر أمس الأول, الأحد, أمام البرلمان:«نحتفل اليوم بسقوط طاغية على أرض تونس..ونحن في الأردن نعاني مثلما عانت تونس..ولابد من إنهاء هذا الاستبداد السياسي ومصادرة الحريات العامة» أن يتذكر لو أنه يعاني مثلما عانى أهل تونس لكان الآن يعيش منفياً في إحدى الدول الأوروبية مثله مثل زميله راشد الغنوشي الذي بدأ حياته ناصريّاً ثم عضواً في الاتحاد الاشتراكي السوري بقيادة جمال الاتاسي ثم اهتدى إلى الإسلام السياسي على يد الشيخ عبد الفتاح مورو ثم دخل السجن في عهد «المجاهد الأكبر» ثم فرَّ هارباً بجلده عندما اشتد عليه الضغط في بداية عهد زين العابدين بن علي.
لو أننا في الأردن نعاني مثلما عانت تونس ,قبل الانتفاضة الأخيرة, فلما كان الشيخ همام سعيد يرأس حزباً سياسياً يملك حزباً آخر هو حزب جبهة العمل الإسلامي ولما كان لهذا الحزب بوجهي عملته كل هذه الأموال المنقولة وغير المنقولة في طول البلاد وعرضها ولما حصل على منحة مالية من الحكومة أسوة بالأحزاب الأخرى ولما شارك في هذا الاعتصام وقال ما قاله ثم يعود ,بعد أن يستغفر الله ويشكره على فضله ونِعَمه, إلى بيته ليتناول عشاءه هنيئاً مريئاً ويتفرغ لمتابعة تقارير الانتفاضة التونسية التي أخرجت بعض «المجاهدين» وبعض «المناضلين» ولو مؤقتاً من إغمائة بطالتهم السياسية .
لم يقل السيد راشد الغنوشي ,الذي كنت أنا العبد الفقير الى الله أول من زاره بعد خروجه من السجن في شارع قناة السويس في منطقة بن عروس في تونس العاصمة, ما قاله الشيخ همام سعيد أمس الأول وقبل ذلك وقبل قبل ذلك مع أن الجرأة لا تنقصه ولا تنقصه الشجاعة لكن ومع ذلك فإن حركته حركة «النهضة» التي كان أسسها بالاشتراك مع الشيخ عبد الفتاح مورو حيث كانت الانطلاقة بعد لقاء عابر في جامع الزيتونة قد أصبحت حركة محظورة وفرّ هو إلى الخارج لينتهي به المطاف لاجئاً سياسياً في عاصمة الضباب.. وهذا لا يعيبه على الإطلاق ولا يقلل من قيمته السياسية والجهادية.
إنه على كل من يعتبر نفسه معارضاً في هذا البلد ,الذي هو البلد الوحيد في العالم العربي الذي يدفع الناس دفعاً نحو الحياة الحزبية والذي يقدم لأحزابه دعماً مالياً من خزينة الدولة المصابة بالإرهاق أصلا بسبب هذه الأزمة الاقتصادية العالمية ,أن يتوخى الدقة حتى يصدقه الذين يسمعونه فركوب موجة الانتفاضة التونسية هو لصوصية سياسية وبخاصة وأن تقارير الهيئات الدولية التي طالما استنجد بها بعض قوى المعارضة تضع الأردن على مسافة فلكية من تونس ومن غير تونس بالنسبة للحريات العامة والممارسات الديموقراطية .
أين هو الاستبداد يا شيخ همام الذي تعاني منه كما عانت تونس..؟ إن المفترض بمن يقود حركة إسلامية أن يتقي الله وألاّ يعتدي على الحقائق وأن عليه أن يتوخى الدقة حتى يصدقه الناس.. فهناك في هذا البلد بعض التجاوزات وربما الكثير من التجاوزات التي لابد من التصدي لها أما أن يكون هناك استبداد سياسي ومصادرة حريات كما كان عليه الوضع في تونس قبل هذه الانتفاضة ,التي لا تزال المراهنة عليها مفتوحة على شتى الاحتمالات, فإن أقل ما يمكن أن يقال في هذا أنه استغلال للحرية التي ينعم بها هذا البلد من أجل التجني عليه وعلى أهله وأبنائه الذين يعرفون كل شئ والذين لديهم القدرة والاقتدار على التمييز بين الصحيح وغير الصحيح.
(الرأي)