الاختلاف سمة الحياة، ليس هناك تطابق تام في وجهات النظر، وفي تحليل الموقف، طبيعي أن تختلف مع ابنك أو زوجتك، أو جارك، أو أخوك، لكن من غير الطبيعي أن مجرد الاختلاف بينك وبين أي طرف يؤدي إلى عداوات تتطور إلى مشاحنات ومماحكات تنعكس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي برسائل شبه مشفره تحت منطوق (مقصودة).
نختلف مع الحكومات على سياسات عامه واخرى تنفيذية، نكتب رأينا بكل وضوح، يغضب منا وزير أو متنفذ، وتوجه لنا التهم.
تختلف مع جارك على مصف سيارة، يبادرك بقوله (اعرف مع مين تحكي)، تذهب إلى متجر لشراء حاجيات البيت، تقف على الدور لتحاسب على الكاش، يتخطى الدور رجل ليحاسب قبل الوقوف جميعاً، وحين تقول له احترم الدور يبادرك بقوله: (اعرف مع مين تحكي).
مزاج الأردنيين غريب عجيب، يدعونك على وليمة تكلف مئات الدنانير، يتنازلون عن ديّة ابنهم بفنجان قهوة، تقديراً للضيف والجاهة الكريمة، لكنهم يسارعون بالغضب والامتعاض إذا طلب منهم أن يلتزموا بالدور.
الأردني، نقي، صادق، مضياف، شهم، لكنه (دِقر)، صعب المراس، عصي على التهجين والتدجين، معدنه نظيف، يحتاج إلى لغة وكلمات منتقاه، يعطيك (جاكيته) إذا تعاملت معه باسلوب لطيف، واثرت عنده قيم الفزعة والرجولة.
المجتمعات تتغير، ابناؤنا لا يتعاملون مع المواقف كما نتعامل، ثقافات جديدة غيرت الأردنيين، وهناك تغييرات قادمة، لكن معدن الطيبة والشهامة والنخوة هو المعدن الأصيل الذي لن يخلعه الأردني، حتى وإن لبس الجينز أو الشورت، سيبقى معدنه هو الذي يتحكم في سلوكه وحياته وتعامله.
نحتاج إلى تأصيل وعودة إلى قيم النبل، وتقديم الآخر، واحترام الكبير، نحتاج إلى إعادة تأصيل الموروث العربي الإسلامي في القيم الإنسانية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
نريد أن نبتعد عن ثقافة جديدة وطارئة على مجتمعنا، ثقافة (شوفة الحال) ثقافة (اعرف مع مين تحكي)، فهل نحن فاعلون؟.
الرأي