استجابة للرسالة التي حملتها مقال صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله وأطال بعمره والتي حملت عنوانا في غاية الأهمية ومدى تأثيرها على استقرار مجتمعنا ودولتنا الحبيبية.
( منصات التواصل الأجتماعي أم التناحر الاجتماعي )
جاء مقالي للتأكيد على أننا سائرون على النهج والعهد وأننا سيف في وجه اي عدو كان يهدد أمن واستقرار اسرنا ومجتمعنا ودولتنا وأن كانت شائعات صدرت من منصة الكترونيه جاءت لتكن عونا في البناء والتقدم لا الهدم .
وفي ضوء تعاظم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، والاعتماد عليها كمصدر للحصول على المعلومات ومتابعة الأخبار، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي بمثابة حاضنة جديدة لصناعة وتداول فن الشائعات، وبيئة خصبة لانتشارها، إذ أفضى الاستخدام المفرط للإنترنت، ولا سيَّما وسائل التواصل الاجتماعي من فيس وتوتير وسناب شات وغيرها من وساتل التواصل الاجتماعي ، إلى تغيير الطريقة التي يتواصل بها البشر ومن ثمّ تغيير طرق تداول المعلومات والشائعات .
معتمدة كليا في المعلومة بصدقها وكذبها على ما يتم تدواله من خلال هذه المنصات .
وفي ظل ذلك وباستجابة سريعه لرسالة سيدنا صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني وجب تسلِّيط الضوء على المحددات والعوامل التي تُسهم في صناعة وتداول ما نستطيع تسميته اليوم بفن الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن الوباء المعلوماتي الذي انتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي ومثال على ذلك إبَّان انتشار جائحة كوروناو وما تعرضت له وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي فنرةامتحانات الثانوية العامه لهذا العام حيث كانت وسائل التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنمو وانتشار الشائعات .
مصادر الشائعات قديماً وحديثا كثيرة فهي ليست وليدة اليوم . وإنما موجودة منذ قديم الأزل اذ ولدت مع ظهور البشرية ومحاولة إبليس بإغواء ادم بالأكاذيب حيث أزله وأخرجه من الجنة .
حيث كانت الطريقة المستخدمة في الماضي لنقل الشائعات هي الاتصال المباشر وجها لوجه نظرا لعدم وجود منصات التواصل الاجتماعي والتقدم التكنولوجي الحالي. لكن اليوم ولتوفر وسائل التقدم وانتشار المنصات ووسائل التواصل الاجتماعي وتوفر النت والذي اصبح شبه اساسي لدى افراد مجتمعنا ليصبح قاعدة بناء و انتشار للشائعة ويجعل منها امرا بسيطا سريع الانتشاروبإمكان اي شخص كتابة خبر ونشره إلى عشرات المواقع الإلكترونية وقراءته من قبل آلاف الناس الذين بدورهم سيقومون بنشره ، ورغم أن وسائل الاتصال قد سهلت حياة الإنسان كثيرا لكنها في نفس الوقت سلاح ذو حدين فالبعض يستخدمه في ما ينفعه ولكن البعض يستخدمه في نشر الأكاذيب و تضليل الحقيقة وغيرها من الأعمال غير المشروعة سواء بقصد أو بدون قصد ، وأصبحت الكثير من المجتمعات في وقتنا الحالي تسمى "مجتمعات معلوماتية " فأصبح نشر الشائعة ليس محلي او إقليمي فقط وإنما وصل إلى إن يكون عالمي ومكن الأنترنت الناس من إرسال كل شيء مصور او مطبوع او مسجل إلى أي مكان في العالم .
ومع هذا التطور الهائل والسريع زادت وسائل نقل المعلومات بشكل سريع جدا نظرا لعدم وجود رقابة فعالة تجرم نشر وتداول الأخبار المزيفة على منصات التواصل الاجتماعي فضلا عن الاعتماد عليها كمصدر رئيس للحصول على الأخبار .
فنصف سكان العالم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي .
اضافة الى سهولة نشر وتداول المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي هذا الشأن، فإن سرعة تداول المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تُسهم بدورها في نشر الشائعات؛ نظرًا لأن المعلومات التي تنطوي عليها الشائعة غالبًا ما ترتبط بموضوع محل جدل ونقاش وقت انتشارها؛ إذ توجد علاقة طردية بين حالات الطوارئ والأحداث المحفوفة بالمخاطر وبين انتشار الشائعات؛ نظرًا لمحدودية الوقت المقرر لنشر البيانات الرسمية الخاصة بالأولى، فضلًا عن صعوبة الوصول إلى الحقائق المتعلقة بالأخيرة، بما يدفع بعض الناس لتصديق بعض المعلومات التي لم يكونوا ليصدقوها في ظل الظروف العادية، علاوة على ذلك، فإن مجرد تداول وتكرار الشائعات يزيد من قوة تأثيرها، والتي قد تستمر لأسابيع، حتى في أعقاب تأكد الأشخاص من زيف تلك المعلومة .
وهناك بعض الأسباب المتعلقة بطريقة صناعة الشائعة ذاتها:
- طريقة صياغة الشائعة تُعد إحدى المحددات الرئيسة لتداولها؛ نظرًا لأن المعلومات التي يتم عرضها بنبرة مقنعة وبطريقة إخبارية لديها فرص أكبر للتداول على منصات التواصل الاجتماعي من تلك التي يتم عرضها بصورة مغايرة.
- الأزمات تكون أكثر فعالية وتأثيرًا على الأفراد من الصحافة المعيارية التي تلتزم بالمعايير المهنية لنشر المعلومة.
- فضلا عن أن تصريحات شهود العيان التي يتم صياغتها بصورة إخبارية تكون أكثر تداولًا بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي؛ نظرًا لأن ادعاء أحد الأشخاص بأنه شاهد عيان يخلق مصداقية في المعلومات التي ينشرها، ويحفز الآخرين على مشاركة وتداول تلك المعلومات؛ بما يؤدي إلى زيادة نشر الشائعات في نهاية المطاف
- الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر لمتابعة الأخبار .
إذ يعتمد الأشخاص على منصات التواصل الاجتماعي لمواكبة آخر التحديثات والتطورات المتعلقة بالأحداث الجارية؛ نظرًا لأن تلك المنصات توفر لمستخدميها إمكانية نشر المعلومات بشأن بعض الأحداث فور حدوثها، وبالتالي فهي تمثِّل مصدرًا غير مسبوق للوصول إلى المعلومات، ورغم فوائد المشاركة الاستباقية للمعلومات والأخبار، فإنها تنطوي على عدة مخاطر، لا سيَّما نشر التحديثات العاجلة بشكل مُجزَّأ، بما يحول دون التحقق من مدى صحة تلك المعلومات المحدثة في وقت نشرها، والتي يثبُت لاحقًا أن بعضها غير صحيح، وبالتالي تعاظم احتمالية نشر وتداول الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
- غموض مصدر المعلومة وهشاشة أنظمة الرقابة
اذ يعتبر العامل الأول في ترويج الشائعات يتعلق بمصداقية المُرسل تليها جاذبية المحتوى، ورغم أن غموض المحتوى يحول دون تداول الشائعات بصورة كبيرة، فإن غموض المصدر يؤدي إلى إثارة الشائعات بصورة كبير.
وتجدر الإشارة إلى أن طبيعة وسائل التواصل الاجتماعي غير الخاضعة للإشراف، وهشاشة أنظمة الرقابة الموجهة لتلك المنصات، بما يؤدي إلى ظهور وانتشار الشائعات، ورغم أن معظم منصات التواصل الاجتماعي تستخدم تقنية للذكاء الاصطناعي تمكّنها من الوصول إلى المحتوى المرفوض وحظره، فإن تلك الأنظمة لم تَحُل دون نشر الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي، لتنوع أشكال عرضها بين المنشورات، والصور، والفيديوهات، فضلا عن القصص المصورة
ورغم أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثِّل المصدر الأقل موثوقية للحصول على الأخبار على مستوى العالم، فإنها كانت مصدرًا إخباريًّا شائعًا للاطلاع على الاخبار . وخصوصا فترة جائحة كورنا .
لنصل الى أن حجم المعلومات المضللة والشائعات يفاقم صعوبة وصول إرشادات ومعلومات دقيقة للمواطنين.
يمكننا ان نخلص في ضوء تعاظم اعتماد البشر -في شتى أنحاء العالم- على منصات التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات، وعدم وجود رقابة فعالة تحول دون صناعة وتداول الشائعات عبر هذه المنصات، يتعيَّن على الدولة سنّ تشريعات وقوانين رادعة للحيلولة دون نشر وتداول الشائعات عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما أن مكافحة الشائعات لا تقتصر على التشريعات الفعالة فحسب، وإنما يتعيَّن على الجهات التي توجه إليها الشائعات سرعة نفي الشائعة والتأكيد على بطلانها لتقويض فرص انتشارها وتداولها على نطاق واسع، فضلًا عن إلزام الجهات المختصة بضرورة الإسراع في إصدار التصريحات والبيانات الرسمية بشأن قضية ما؛ لتوعية الأفراد، والحيلولة دون انتشار الشائعات بشأنها فلم يعد الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي مجرد تحذير، بل بات حقيقة يعاني منه الكثير خصوصا لا يوجد حاليا تشخيص رسمي، تحت مسمى، الإدمان الإلكتروني
واخيرا نامل من قانون الجرائم الالكتروني أن يكون له اسهام فعال وحقيقي في الحد من انتشار الشائعات لما لها من أثار سلبية على زعزعة أمن واستقرار مجتمع بل دولة بأكملها وان يكون هناك ردع حاسم وخصوصا على أقتحام الخصوصية وهو ما ستناوله في مقالي القادم .