ليس بحكم أثر جيني, إكتسب لونه الذهبي, بل بحكم انتمائه الى التراب البدوي الذي نسعى الى احالته الى ذهب, كما قلنا ذات ترويج لصحرائنا الجميلة, بل وتأكيد على انتمائه الى قريته الوادعة على تخوم الخط الصحراوي, فهو ابن قرية الذهيبة, التي ترقد على حواف البادية الوسطى, والذهيبة فيها من الذهب البشري ما يفيض عن حاجة مدينة كاملة وليس قرية فقط, هناك كانت البداية, لشاب حمل لونه الذهبي وقريته الى اخر اصقاع العالم الملبد بالثلج والجليد, فعاد طبيبا, اناخ راحلته في بيدر الشرف والرجولة في القوات المسلحة التي ظلت عربية في المبنى والمعنى رغم قطرية المرحلة.
فراس الجحاوشة, بمهارة البدوي وقدرته على اشتمام الأنواء, إشتم القادم في التكنولوجيا والعلم, فذهب الى التخصص بالاشعة التشخيصية, وبفطرته المسنودة بالمعرفة والعلم, ابدع في التخصص حتى بات أمهر ابناء جيله ولا اقول من أمهرهم, فمركزه الطبي صرح يؤمه الموجوعون من كل اصقاع الدنيا القريبة والبعيدة, فنانين يشكرون جهده, ومؤثرون يرجون علمه, ومرضى يلهجون له بالدعاء, وانا منهم, لكنه غافل الجميع بهدوء ممزوج بكثير من الوقار, وبسيل جارف من المعلومات والتحليل السياسي, تحديدا اذا ما كان الحوار عن الحرب الروسية الاوكرانية, فكل الهدوء يتحول الى رصاص من الكلمات الواثقة بدقة تصويبها, ويزداد الصلي اذا ما تعرض احد لمكمن الوفاء عند البدوي الذي يحمل لون الذهب في بشرته وفي اصيل معدنه, فهو مثل كل ابناء البدو يحمل من الوفاء الكثير ولا يطعن في الظهر, فلا تعبثوا معه في بلد دراسته.
ثمة فائض من وفاء وتربية, والنجاح ليس وليد علم ومعرفة, بل فيه مسحة صوفية عنوانها, رضى الوالدين الذي هو من رضى الله, فهذا الطبيب السياسي, لا يخرج قبل طلب رضى الله ورضى الوالدين, وهذا ما كشفه خلال حفل وطني هائل لافراح المملكة الكثيرة في الاشهر الماضية, حين قبل هو بتكريم واحد, تقبيل يدي والده ورأسه, واظن هذه هي شيفرة النجاح وكودها, وقلة يدركون هذا الكود, ليس سهلا الاستمرار في تشخيص طبيب من ذهب, لكنها محاولة لسبر ان ما يلمع في شخصية فراس الجحاوشة هو ذهب خالص, فوسامته عنوان البداوة الحقيقي, وفيه فعلا, كل ما يلمع ذهبا.