لازلنا بانتظار المراجعة الشاملة
د. عامر السبايلة
17-01-2011 12:25 PM
*في خضم أحداث مضطربة و متسارعة نحن بأمس الحاجة لتدخلات تفوق هذه التطورات سرعة.
قد تقتضي الحكمة غالباً التريث في اتخاذ القرار السياسسي الا أن طريقة سير الأمور اليوم تشير ان الحكمة تحتم التدخل السريع و فرض تغييرات جذرية على أرض الواقع.
تُجمع الاراء اليوم على ان الانجاز التونسي قد أعاد الأمل للنفوس المتعبة و المنهكة و التي بات الاحباط نديمها و صديقها, فعدنا نؤمن بقدرة الشعوب العربية على التغيير.
وعادت الابتسامة ترتسم على شفاه كبارنا و صغارنا بالرغم من كل الالام و الجراح التي تثقل كاهل شعبنا الطيب. و حتى نُبقي على ايجابية ابتسامات هذا الشعب الذي حزن كثيراً و ابتسم قليلاُ فلا بد لنا أن نًذكر ان ساعة المراجعة الشاملة قد دقت و اننا دخلنا في ساعة ما بعد التغيير.
صورة الدكتاتور التونسي المخلوع و هو يستجدي الشعب العظيم يثبت أن الشرعية لا يمكن أن تًستمد الا من الشعب. فهذا يشكل و بلا شك درساً لا يفهمه الا الحكماء و المتسلحين بالجرأة و الذين يدركون أن المراهنة على محبة بشعوبهم و تكريمهم المستمر لهم و الاستجابة لرغباتهم هي أساس البقاء و النجاح.
و ندرك جميعاً كما يثبت التاريخ أن انتقال النماذج الثورية يشبه الى حد بعيد الانتقال السريع للعدوى و أخطر ما يمكن ملاحظته هو عدم اقتصار الخطر على وجود المناخات الملائمة لانتقال العدو بل بقدرة الفيروسات على غزو و اضعاف الأجساد و جعلها طريحة فراش المرض أو الموت في بعض الأحيان.
ثلاثة هي المحاور الأساسية التي يجب أن تتصدر أولويات المراجعة الشاملة. الأولى - و بلا أدنى شك- تتمثل بضرورة أن يروى ظمأ الأردنيين برؤية شحصية كاريزماتية وطنية على رأس حكومة وطنية تتشكل ممن صنفوا مؤخراً بالمعارضة و كأن معارضة السياسات التي تستهدف الوطن باتت تهمة بنظر الدخلاء على المبادىء والقيم و حتى على الحس الوطني. و نقول هنا ان كانت هذه تهمة فلنا الشرف اليوم أن نكون جميعاً ضمن لائحة المتهمين. فحب الوطن و الدفاع عنه و عن أبناؤه الأشراف المستضعفين هو أجمل تهمة نتمنى أن نًتهم بها و تبقى ملتصقة بنا.
المحور الثاني يتمركز حول ضرورة توطيد الأمن القومي الداخلي و تامين بعد اقليمي استراتيجي. فالمرحلة تشير الى دخول المنطقة و العالم العربي في مرحلة مخاض جديدة سماتها اعادة التكوين و التشكيل, اما بالسياسة و اما بالحرب أو حتى بنشر الفوضى.
اذاً فالخيار الأمثل هو بجلب شخصية سياسية أمنية ذات خبرة في التعامل مع الملفات الداخلية و الخارجية و خصوصاُ الاقليمية منها, و تكون مهمته الاولى اعادة هيكلة هذه السياسات ضمن اطار يضمن ديناميكة الحراك و يضمن التواصل المستمر مع أصحاب القرار وذلك للحاجة الماسة في سرعة اتخاذ القرار.
المحور الثالث يكمن في اعادة الحراك الشعبي لمؤسسة كانت ولا زالت تمثل حلقة الوصل بين صاحب القرار و الشارع الأردني على اختلاف أطيافه و اتجاهاته. فبيت الأردن هو بيت الأردنيين جميعاً و التواصل المستمر مع الأردنين البسطاء هو أوكسير حياة الدولة الأردنية و من يحاول بسياساته الخاطئة أن ينأى بهذه المؤسسة عن التواصل الشعبي فهو يأخذها و للأسف لمربع حيادي و لا يمكن لنتائج هذه السياسة الا أن تكون سلبية, و لا شك أننا اليوم بأمس الحاجة الى النقيض الكامل لهذه السياسة. فتركيبة الأردنيين هي تركيبة بُنيت على المحبة و البساطة و جُبلت على الاخلاص و بالتالي نتمنى أن لا تضل بوصلة البعض في فمعرفة كيفية التعامل معها.
لازلنا و بنفوس يملؤها الأمل ننتظر أن نرى تغييرات تلبي طموحات الأردنيين و تعيد الأمل الى نفوسهم و تعزز من ثقتهم بالتغيير الايجابي و على الصعيد الاخر نبقى نخشى المشهد الذي قد يقود له عدم تلبية طموحاتهم و أمانيهم.
د.عامر السبايلة
http://amersabaileh.blogspot.com