السهيل وصدام وبويز و"آخر خبر" وجمانة!
باسم سكجها
27-07-2023 10:55 PM
ذكّرتني ذكريات وزير الخارجية اللبنانية الأسبق فارس بويز، التي نشرت بعضها “عمون”، عن حادثة اغتيال المرحوم شيخ العشيرة العراقية المعارض طالب السهيل، بما جرى قبلها بأقلّ من شهر، وكنّا شهوداً من خلال الزميلة الأستاذة جمانة هلسة، وما نشرناه في “آخر خبر”!
كان هناك اتفاق أمني بين الأردن والعراق مفاده ألاّ تقترب عمليات المخابرات العراقية من الأردن، وأن تكون أراضينا مستثناة منها، في مطلق الأحوال، ولعلّ أكثر من استفاد من ذلك إثنان هما: الشيخ طالب السهيل، وصديقي الراحل مؤنس الرزاز.
قصّة مؤنس نشرتها قبل سنوات، وكيف تمّ تهديده من الملحق العسكري العراقي، وهو يكتب روايته الشهيرة “اعترافات كاتم صوت”، ولم يحمه سوى وجوده في الاردن، ولكنّ ما جرى مع الشيخ السهيل أكتبه الآن مع ذكريات الوزير بويز.
كانت جمانة هلسة صديقة لابنة السهيل، تحضر حفل زفاف للعائلة، في فندق عمّاني، حين اتصلت بي وطلبت أن أرسل لها مصوّراً، لأنّ الشيخ وافق على اجراء مقابلة سريعة معها، يتحدث فيها عن علاقته مع النظام العراقي، وهذا ما حصل، وقال فيها السهيل كلاماً لم يخف أنّه يسعى لقلب نظام الراحل صدام.
نشرتُ المقابلة، وكانت سبقاً صحافياً مؤكداً، مع الصورة للراحل السهيل وجمانة، وقد أخفيت وجه زميلتي، لأنّني كنتُ أعرف أنّها ستكون مهدّدة، ولم أذكر اسمها، وكانت ذلك أوّل وآخر ما قاله، لأنّه لم يجر قبلها ولا بعدها مقابلة صحافية!
ما حصل بعدها بأقلّ من شهر، أنّ السهيل سافر إلى بيروت، وكان له بيت هناك، وامتنع عن قبول نصائح الأمن الأردني، بعدم السفر، فقد كان ظنّه أنّ نفوذ المخابرات العراقية أصبح هشاً مع الحصار، إلى درجة أنه لن يصل إليه في بيروت، ولكنّ ذلك التقدير كان خاطئاً…
بيروت كانت دوماً مفتوحة على كلّ أنواع المخابرات، والعمليات الأمنية، ففي خلال أيام كان هناك من يطرق باب بيت السهيل ليأخذ الملابس إلى محل التنظيف الجاف، وتمّ التسليم، وفي اليوم التالي كان هناك من يعيد الملابس، ولكنّه حمل سلاحاً ومكواة، وتمّت عملية الاغتيال…
أستعيد هذه الذكريات مع كلام بويز، وكيف أنّ القيادة الأردنية غضبت، ولكنّ الأمر كان بعيداً عن أراضيها وسيادتها المباشرة، وأنّ الأمر تعلّق بقرار شخصي من الشيخ السهيل بالخروج من الأردن، ولو لزيارة سريعة للبنان، ولا أظنّ أنّ كلام الوزير بويز بأنّ الرجل كان يحمل الجنسية الأردنية دقيق،فلم يكن اردنيًا ، فقد كان عراقياً أصيلاً، ولكنّ الأردن حينها بدأ يعيد حساباته، ورحم الله الجميع، وللحديث بقية!