نظرية الفيلسوف هابرماس والأوراق النقاشية الملكية
د. عبدالله هزاع الدعجة
27-07-2023 09:52 PM
يعتبر الفيلسوف و عالم الاجتماع السياسي الألماني المعاصر يورغن هابرماس من أهم منظري مدرسة فرانكفورت النقدية التي تناولت مختلف نماذج الوعي النظري و العملي و بالأخص للأيدولوجية الكونية التي نشأت في مدينة فرانكفورت عام ( ١٩٢٣ م ) و جمعت فلاسفة عظام من أجيال مختلفة بعد الحرب العالمية الأولى و آثارها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي غيرت ملامح العالم آنذاك .
جاءت نظرية الفيلسوف هابرماس حول الفضاء العام الذي تدور فيه المساجلات و تتشكل فيها الآراء و المواقف حول القضايا التي تجسد اهتمامات الناس و يكون للأفراد و الأحزاب و الهيئات المدنية و الإعلام المكانة العظمى من حيث أنها تحمل رأي عام يمثل وظيفة نقدية ذات معاينة سوسيولوجية بأبعادها السياسية و تحولاتها التاريخية بأقصى درجات الممارسة الديمقراطية و بكافة آليات المشاركة داخل المنتظم السياسي ، و قد شكل التطور التكنولوجي لاحقا آلية جديدة لتوجيه الرأي العام و توحيده و عقلنته مما يؤثر في أي سلطة قائمة كيفما كانت ، و يقدم آلية معارضة للسلطة المتجبرة بدحض فكرة الديمقراطية الليبرالية التي صيغت على نموذج العلاقات بين المشتري و البائع في السوق حتى أدت إلى الاحتواء الكلي للرأي العام و إفراغ الوعي الفردي و الجمعي من وظيفته النقدية الفعالة بسبب الهيمنة المطلقة للسلطة في صنع القرار السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و الإعلامي .
و عند عقد مقارنة بسيطة مع ما تقدم و مع بعض مضامين الأوراق النقاشية الملكية نجد أنه ثمة سياق متصل في كثير من الأهداف و المحاور مدار البحث التي تناقض مفهوم و تطبيقات تطوير الأعراف السياسية من حيث أن العرف مصدر من مصادر التشريع ، ناهيك عن تطوير الممارسات الديمقراطية قياسا بالممارسات الفضلى المنشودة ضمن أساسيات الحكم الرشيد .
و هذه هي جزئية البحث مع موجبات طرح مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الذي أثار جلبة كبيرة تحتاج إلى تأصيل فلسفي و تقعيد منهجي ممن يدافع عنه في ضوء أطروحة الفيلسوف هابرماس حول المجال العام ، و الذي أبدت جميع الأطياف السياسية تحفظها و تساؤلاتها العميقة حول هذا القانون ، و يضع أدوار جميع المؤسسات القائمة محل تقييم و إعادة نظر في وظائفها البيروقراطية التقليدية المنوي تطويرها وفق ما يتم إعلانه بهذا الخصوص وغيره على الإطلاق ضمن منهج التغيير .
اعتقد أنها مسؤولية تاريخية يتحملها كل من هو بالسلطة تجاه استحقاقات دولة بأكملها و مخرجات واضحة المعالم ليس آخرها الأوراق النقاشية الملكية التي رسمت مستقبل زاهر للدولة الأردنية في مئويتها الثانية تماما كما الجهد العظيم الذي بنى الدولة الأردنية و رسخ قوتها في المئوية الأولى .
سيبقى الاردن كما كان نبراس حرية و معلمة ديمقراطية و راية عز وفخر لكل من ينشد العلياء في حياة الأمة الخالدة .