توثيق الحسابات: مصدر ايراد جديد بفوائد واضرار
د. محمد عبدالله اليخري
27-07-2023 06:40 PM
استحوذ مفهوم منصات التواصل الاجتماعي والميتافيرس، وهو مساحة مشتركة افتراضية تجمع بين الواقع المعزز والواقع الافتراضي والإنترنت، على خيال العالم. مع استمرار تطور التكنولوجيا، تبدو فكرة دخول عالم رقمي حيث يمكن للناس العمل والتواصل الاجتماعي واللعب ممكنة بشكل متزايد. ومع ذلك، بينما نحتضن إمكانات هذا العالم الافتراضي، يجب علينا أيضا فحص جانب واحد مهم: وهذا الجانب هو حديث الشارع اليوم الا وهو "توثيق الحسابات" على منصات التواصل الاجتماعي. بينما يجادل البعض بأنه يعد بتجربة أفضل وأكثر أمانا عبر الإنترنت، يعرب البعض الآخر عن مخاوفه بشأن عيوبه المحتملة. في مقال الرأي هذا، سوف نستكشف ازدواجية وعود ميتا بخاصية التوثيق واثاره على مستقبلنا الرقمي.
وعود وفوائد توثيق الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي META VERIFIED:
تتضمن خاصية توثيق الحسابات، في جوهرها، استخدام تقنيات متقدمة مثل القياسات الحيوية والمصادقة القائمة على الذكاء الاصطناعي وBlockchain لضمان هوية المستخدم وأمن البيانات داخل العالم الافتراضي وخصوصا مواقع التواصل الاجتماعي. وتعد بتقديم مجموعة مغرية من الفوائد التي يمكن أن تعزز بشكل كبير تجاربنا عبر هذه المنصات. من هذه الوعود والخصائص ما يلي:
1. تحسين الأمان:
عند توثيق حسابك على منصات التواصل الاجتماعي يمكن أن يحد بشكل كبير من مخاطر سرقة الهوية والهجمات الإلكترونية. مع عمليات المصادقة القوية، يصبح الوصول غير المصرح به إلى البيانات الشخصية أكثر صعوبة وبهذا الوعد تصبح معلوماتك وصورك والفيديوهات محمية طالما اتبعت قواعد النشر على هذه المنصات.
2. الثقة والمصداقية:
من شأن الحساب الذي تم التحقق منه وتوثيقه أن يعزز بيئة من الثقة والمصداقية. يمكن للمستخدمين الانخراط في التعاملات وتكوين العلاقات والتعاون مع الآخرين بثقة أكبر، مع العلم أن نظرائهم حقيقيون وخاضعون للمساءلة وقد وافقوا على اتباع قوانين هذه المنصات ووافقوا على تحمل كامل المسؤولية في حال خالفوها.
3. التجارب المخصصة:
بمجرد التوثيق توعد بتجارب مخصصة لهؤلاء الموثقة حساباتهم وتفعيل خصائص أكثر من هؤلاء غير الموثقين ويعتمد ذلك على بيانات المستخدم التي مشاركتها من قبل صاحب الحساب، وبالنتيجة يقوم الذكاء الاصطناعي المدمج في عالم ميتا بتخصيص خدمات وتوصيات وتفاعلات تتوافق مع تفضيلات المستخدمين.
4. الحد من المضايقات والإساءة عبر الإنترنت:
من خلال التوثيق يقوم ميتا بتثبيط السلوكيات الضارة والحد من المضايقات عبر الإنترنت، مما يعزز مجتمعا أكثر شمولا واحتراما عبر الإنترنت. برأي هذا اقوى وعد واصدق وعد اذ لا يمنح التوثيق الا إذا كتب الشخص اسمه كاملا ويجب ان يكون مطابقا لما في الهوية الرسمية او جواز السفر وأيضا ربط بطاقة الائتمان الخاصة به، وبهذه الطريقة اعتقد اننا سوف نتخلص ولو قليلا من اشباه البشر الموجودين على مواقع التواصل الاجتماعي ومن الحسابات الوهمية ذات النية التخريبية الضارة. ياسيدي راح يصير التعامل على هذه المنصات بمنطق إذا انت مش موثق حسابك إذا انا مش راح اثق فيك ولا اتعامل معك او ممكن اتعامل معك بحذر شديد جدا، باستثناء الا إذا وسبق التقينا او كنت واحد من افراد العيلة. غير هيك الله معاك وثق حسابك مشان اعرف احكي معك.
5. مصدر إيرادات جديد للخزينة
في بعض الدول التي تقر ضريبة على جميع المدفوعات الالكترونية والتي بالعادة لا تقل عن 5% من اجمالي الفاتورة، ومع الاعتقاد بأن رسوم التوثيق في هذه الدولة هي 20 دولار شهريا وعدد المشتركين في هذه الخدمة تقريبا 5 مليون مشترك فإن اجمالي إيرادات الضريبة شهريا هو 5 مليون دولار شهريا للمنصة الواحدة. لنقل ان نصف مستخدمي منصة فيسبوك أرادوا أيضا الاشتراك بخاصية التوثيق على منصة انستغرام ولنعتقد ان رسوم الاشتراك هي نفسها 20 دولار شهريا إذا سيكون هناك إيرادات شهرية من الضريبة فقط مبلغ وقيمته 7 مليون و250 ألف دولار شهريا وفي السنة سيكون اجمالي إيرادات الضريبة هي 87 مليون دولار. ماذا لو تم إعادة توزيع هذا المبلغ على المواطنين في تلك الدولة لتحسين حياتهم المعيشية ولنفرض ان عدد سكان تلك الدولة هو 10 مليون. ستقضي هذه الدولة على الفقر بتاتا وسيبقى ايراد جديد للدولة بقيمة 77 مليون دولار لم يكن له أي حسبان ..... اسف تحمست شوي بس شفت الأرقام بتزيد فصرت بدي حصة منها، خلونا نرجع للواقع لأنه قصة التوزيع هاي ما بتصير الا في لالا لاند.
مضار واثار خدمة توثيق الحسابات:
كما هو الحال مع أي تقدم تكنولوجي، فإن التوثيق لا يخلو من المخاوف والعيوب المحتملة ومن هذه المخاوف والعيوب ما يلي:
1. مخاوف الخصوصية والبيانات الشخصية:
بينما تعد ميتا لكل من قام بعملية التوثيق بمزيد من الأمان، فإنه يثير أيضا مخاوف بشأن الخصوصية. قد يكون المستخدمون متخوفين من مشاركة بيانات شخصية واسعة النطاق، خوفا من استغلالها أو إساءة استخدامها. مثال على ذلك: بعملية التوثيق يقوم المستخدم بإرفاق اثبات الشخصية (رخصة قيادة، هوية شخصية، جواز سفر) بالإضافة الى معلومات بطاقة الائتمان، ما لو تم اختراق حساب هذا الشخص او قام أحد الموظفين الفاسدين لدى هذه المنصات بتسريب هذه المعلومات؟
2. المركزية والتحكم:
يمكن أن تؤدي عملية التوثيق إلى ان تصبح "مركزية السلطة" في أيدي عدد قليل من الشركات، مما قد يؤدي إلى التحكم في الوصول إلى العالم الافتراضي وفرض ضرائب ورسوم على أصحاب الاعمال الصغيرة والمحميين في بعض الدول اذ تسمح لهم ببيع بعض المنتجات اليدوية غير الغذائية عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية دون الحاجة الى دفع ضرائب او رسوم او حتى تسجيل شركة. وقد يؤدي تركيز السلطة هذا إلى خنق المنافسة والابتكار، مما يحد من خيارات المستخدمين.
3. الإقصاء والفجوة الرقمية:
يمكن أن تستبعد متطلبات التوثيق الصارمة عن غير قصد أفرادا معينين، مثل أولئك الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى التقنيات اللازمة مثل عدم وجود بطاقة ائتمانية لدفع قيمة الاشتراك لتوثيق الحساب او دفع الإعلانات وفي كثير الأحيان تكون هذه الفئة عبارة عن سيدات منازل كبيرات في العمر وليس لديهم هذا الوعي التكنولوجي ويعتمدون في هذه الخدمات على أبنائهم او أبناء أبنائهم وفي اسوء الأحوال على "صاحب محل الموبايلات"، أو أولئك الذين يختارون عدم المشاركة بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية. حتما النتيجة ستكون خلق فجوة رقمية، مما يزيد من تهميش مجموعات معينة وهنا تنشأ وصمة وصورة نمطية جديدة "انت موثق".
4. الشعور الزائف بالأمان:
قد يؤدي الاعتماد بشكل كبير على "توثيق الحسابات" إلى خلق شعور زائف بالأمان. طرق التوثيق المتقدمة تكنولوجيا والمعتمدة على الذكاء الاصطناعي ليست معصومة من الخطأ ويمكن أن تظل عرضة لمحاولات القرصنة ونقاط الضعف الأخرى قد تصل في كثير من الأحيان الى الاستغلال والربح غير المشروع عن طريق استخدام خدمات مثل سرقة بطاقات الائتمان او دفع رسوم لأشخاص لكي يقوموا بعمليات الدفع للتوثيق لمن أراد الخدمة.
عمليات التوثيق المقترحة من قبل مواقع التواصل الاجتماعي هي سيف ذو حدين. من ناحية، يوفر أمانا محسنا وثقة وتجارب شخصية، مما قد يحدث ثورة في الطريقة التي نتفاعل بها عبر الإنترنت. من ناحية أخرى، فإنه يثير مخاوف مشروعة بشأن الخصوصية والمركزية والتهميش. وسيكون تحقيق التوازن الصحيح بين هذه الجوانب أمرا بالغ الأهمية لضمان مستقبل رقمي إيجابي.
لتسخير إمكانات خاصية التوثيق للأفضل، من الضروري إعطاء الأولوية لخصوصية المستخدم، وتعزيز الأنظمة اللامركزية، والحفاظ على الشمولية. إن تنفيذ لوائح وقوانين قوية وصارمة لحماية البيانات، وتعزيز الشفافية سيساعد في التخفيف من المخاطر المحتملة. بينما نتنقل في هذا المشهد التكنولوجي التحويلي، من الأهمية بمكان أن نزن الفوائد مقابل المضار، وتشكيل عالم افتراضي آمن ومرحب به للجميع.