في اللحظة التي تكون فيها وحيداً .. تغمس أكياس الشاي في الماء الساخن .. أو تقف وسط الزحام منتظراً تحول إشارة المرور إلى الضوء الأخضر .. تُحدث نفسك بامانة وتفتح ما تيسر من صناديق الذاكرة والأمس .. تجترُّ أخطاء حياتك والمنعطفات التي لم توصلك إلى ما أردت ..
تَخبِط مقود السيارة .. وتُفرغ غضبك في من مرَّ جوارك .. ثم تهدأ …. يتنزل عليك شيئٌ من الحكمة والإنصاف … من أين ….؟ لا ادري …..
لكنهما يَطغيان عليك .. تتذكر المرارات و الانكسارات..
ولا زلت هادئاً .. تمر أمام عينيك قوافل ما خسرت وتستمر في هدوئِك المحير قبل أن تهمس لنفسك بصوتٍ .. هي المرة الأولى التي تسمعه فيها .. وتقول ان بعض الأخطاء كان يجب أن تحدث .. وليس فقط أن تحدث .. بل ويجب أن يتكرر …..
عن الطرق الخاطئة التي سرنا فيها ولكنها لم تخلو من حصاد عن الخطأ السخي الذي ألَّم وعلم … الأخطاء التي عرَّت حقيقتك أمام نفسك وحقيقتهم أمامك عن كل خطأ نحت شخصيتك واوصلك إلى هنا .. وجعلك على ما أنت عليه الآن ..
بقصصك .. بتجاربك .. بخلاصاتك وفلسفاتك الخاصة في الحياة .. وبما ستحكيه للاحفاد في ثوب الوقار وبنبرة الحكمة ……
هذا الموضوع مناصرة للأخطاء التي صَنَعَتنا …. دفاعٌ عن منعطفات القصة .. وتعرجات الرسم .. هي مناصرةٌ للتيار الذي حلمنا في مرة رغما عن أنف القارب بمجدافه ومرساته … للأخطاء التي تذكرني إنني إنسان … كُلما نسيت ..
أقول أخطاء سأعيد تكرارها .. لأننا نتعلم من الأيام .. ونتعلم بالأيام .. ومن الحالم جداً أن نرجو من السهم الإصابة في كل رمية … جميعنا في فترة ما .. سنعيش قصة القارب التائه المتورط في المحيط .. تقوده كل الأمواج وتغريه جميع الجزر .. سنبذل الكثير في سبيل أشياء ليست لنا من الأساس .. ونستبسل دفاعاً عن ما هو عدونا الحقيقي .. نُؤمن في مواطن الظن .. ونتوقف عند محطات العبور .. نغير الشكل عشرات المرات .. ونبدل اللسان .. ونستعير ما عند الناس ….. إلى أن نتوقف تائهين وساخطين على الحال .. حيث لا ممحاة لحذف الماضي..
ولا بوصلة تشير إلى الصواب … كل هذا طبيعي .. لأن الصواب الحقيقي والامثل لن يأتوا إليك …… هم غاية أنت مدركها بِطَي طرقات الخطأ .. وقطع أشواط من العبث ….
في الحقيقة يا صديقي .. لن تعرف حلمك بورقه وقلم وقهوة سوداء وضوء أباجورة اصفر .. حلمك ستشكل من كوابيس المسير .. من التجارب والتخبط المستمر .. من تذوق الأشياء مُرِّها وفاسدها وسامِّها … حتى تدرك اللذيذَ المستطاب .
شغفك لن تحدده ساعات تعبئة استمارة قبول الجامعة .. بل هو خط نهاية يأتي بعد الخوض في العشرات من المملات الثقيلة … ما دمت في مقتبل العمر فلا زال الوقت مبكراً على الكتابة بالحبر .
أحدثك بالصدق … ستتبدل القوائم .. وتتغير الوجوه .. سيعاد اصطفاء القناعات .. ويتكشف نِقاب الحقائق شيئا فشيئا .. ويضاف الكثير على النموذج النهائي لك .. وأخيرا .. ستضع يدك عليك .. ستهدأ.. وتستقر .. وتكون أنت …
الحياة أشبه ما يكون بكومة قش … يُمكنك أن تأخذ أي قشة وتحتفي وتكتفي بها … أو أن تتحمل عناء الاستمرار في البحث عن إبرة الحقيقة خاصتك … أخطاء سأعيد تكرارها .. لأننا يجب أن نتعلم من الأيام .
وبشيءٍ من الإنصاف أقول .. هناك أخطاء يجب أن تتكرر .. لأنهم بشر .. فأخطاء البعض في حقنا .. هي أيضا .. اخطاء يجب أن تتكرر ..
لأن هذا الطبيعي …..
للأمانة لا أعتقد أن مقولة … اعتزل ما يؤذيك … قد قيلت في السياق الذي يتداوله الناس الآن … مستسهلين الهجر .. و مقدمين التخلي على الصبر في الصغيرة والكبيرة .. ظَنُّ الواحد منا .. أن كل ما سيجنيه من ارتباطه بالناس .. هو والأُنس والراحة والتوافق .. ليس بصحيح .. واللجوء إلى الانسحاب كلما خدشتك شوكة وصلٍ .. يريحك اليوم .. ويشقيك غداً ..
الرصيد الذي تستزيد منه العلاقات كلما تكَدَّر صفو الحاضر هو مرات التغافل والمسامحة ومبادرات التحمل والتمسك وعدد الفرصة الثانية التي قدمتها .. وحبلُ الوصال الذي لم تفلته وإن كان من شيئٍ سيبقى في الذاكرة .. فهو بقائك معي … في أوقات كان البُعد فيها أهوَن ….
علينا أن نعرف أن العلاقات ليست ترف .. ولكنها شيء يستحق البذل والعطاء حتى في أحلك الظروف ….. واعلم أن الناس أوعية للرزق .. وبِقَدر وصلك تَنَل .. ثم إن تماديك في اتباع فكرة اعتزال ما يؤذيك ….. هو اغتيال صريح لِمعاني التضحية .. وغضُّ الطرف عن مفهوم التقبل والصبر .. وبُخلٌ لِمنح الاستثناءات الضرورية التي تُبني منك شخص .. وتُبعد آخر …. زِد في اعتزال ما يؤذيك … واحتفل بزبد المعارف ..
ودَع من قدَّم الثمن …. يسعد بالعلاقات القوية الراسخة وذلك ما ينفع الناس .
وعلى صعيد آخر أقول .. أخطاء يجب أن تتكرر .. لتدرك حقيقة نفسك وما انت عليه يوماً بعد يوم ومع كل خطأ .. أُدرك أن معارك الذات اكبر ..والخسائر أعظم .. و أنه لن تعرف حواسَّك انتصاراً .. وهي تعلم حجم الهزائم فيك ….
يوماً بعد يوم … أدرك أن لا وقت لِأُقارن .. وانه ما آنَ اوانَ التحديات بعد … و احدث نفسي أن اتركُ سيوف المبارزة !
وأمسك الفرشاة ثم لون رايات البياض بداخلك … كلما أرى شجرة .. تراودني فكرة ان ما عانته البذرة تحت الأرض .. من اهتزاز بعد سكون .. وعزمها على الخروج من ظلام ما تحت الثرى .. حتى تَنفُذ عبر حجرٍ وصخر .. وترى ويراها النور .. هو ما يجعل فصول العام الأربع ..
والجفاف والأعاصير .. تمر عليها كَضيف .. وإن طال مُكُوثُهُم .. لا تُكرمهم بأكثر من بِضع ورقٍ يتساقط …
يوماً بعد يوم … أُدرِكُ حاجتي للانتصار عَلَي …
وحاجتي للانتصار على حاجتي لكفٍ انتظِرُ أن تمسك بكفي .. لاعلن بعدها عن خطوتي الأولى ….. أغمِض عينك عما حولك .. وأفتح الف عين داخلك …. وتابع شُخوصَك تَتقاتل … لِتَرى أي أنا سَتقتُل الأخرى .. ومن انتصر على ذاته .. ما هُزِمَ قط … أخطاء سأُكررها دائما … لتبدأ المعارك المؤجلة .
لو سألتني عن نصيحة لقلت لك.. تنازل عن أي شيء الا أن تموت وانت لم تَخُض تجربتك الخاصة في الحياة … لا تكتفي بالإستماع لِحكاياهم .. وكن عنوان قِصة .. ولا ترضى بالوصف .. بل اذهب وتذوق .. ناقش كل شيء …. بينك وبينك على الاقل … تفقد ثم تحمل الإجابات … غادر وتحمل المسافة … أو إبقى وتَقبَّل الانتظار … استنفِذ جميع الفرص .. خذ الخطوة … اغلِق الملفات ودِّع أو إقترب …ما يُهم حقاً ….. انك بَارَحتَ مياه التَرقُّب … وقدماكَ على أرض قرار صلب .
بإختصار يا عزيزي .. ابن التجارب نَجيب …والجرأة مَهرُ الأحلام الكبيرة بعيداً عن جرعات التشجيع المبتذلة .. بِداخل كتاب رخيص
على رصيف المارّة … كم راقَ لي مُصطلح نِعمة الألَم بِحَجم التناقض فيه سنشعرُ بوئام وسكينة بعد فهمه ….
منذ الأزل لم تأتِ الآلام بعاقبة سوءٍ مُطلق …ولم تُشرق الضحكات من غير الليالي ألَمٍ حالك …صرختك الأولى في الحياة وألَمُ المِخاض خطوتك الأولى في الفناء … وآلام السقوط المتكرر .. تقدير الامتياز .. وآلام سهر الدراسة .. ميدالية الذهب .. و آلام التدريبات .. وغيرها الكثير … فما بالك لا ترى في ظلام خطأك وألَمِكَ الاخير هذا .. نهاية مُشرقة .. ومكاسبٌ تكمل بها .. ما تبقى من مسير .
لا شيء أقسى من نهايةٍ .. تُخَلِّفُ تساؤلات لا تحصى ..ولا عدوان اكبر من رحيل بلا مبررات ..ثم إنَّ أي المسافات تُضاهي طُولَ ليل المُهمَلين .. وكفى به الجراحِ ألَماً .. أنها فُتحت على صدر الثقة .. ولكن صوت الحياة يقول … أن البعض جاءَ لِيكون غُصناً لا وكراً وعُش .. ومحطات لا نقاط وصول ….
ربما نهاية صفحات .. أكثر من كونِهم مجرد فواصل .. ولكن أقلَّ من أن يكونوا غلاف .. كن ممتناً لِطريقك .. لمن زاروا .. ولمن جاروا ..
للأخطاء وللخُسران .. للموت ولِلخنجر .. للخائِن والمهجر … لمِلح حياتك والسكر .. لولاهم ما كان للإنسانِكَ قصة … ولا أضحى تِمثالُكَ إنسان.
كفى به الجراحِ ألَماً .. أنها فُتحت على صدر الثقة .. ولكن صوت الحياة يقول … أن البعض جاءَ لِيكون غُصناً لا وكراً وعُش .. ومحطات لا نقاط وصول ….
ربما نهاية صفحات.. أكثر من كونِهم مجرد فواصل.. ولكن .. أقلَّ من أن يكونوا غلاف.. كن ممتناً لِطريقك .. لمن زاروا .. ولمن جاروا ..
للأخطاء وللخُسران .. للموت ولِلخنجر .. للخائِن والمهجر .. لمِلح حياتك والسكر .. لولاهم ما كان للإنسانِكَ قصة… ولا أضحى تِمثالُكَ إنسان.