إعدام " غابات برقش " بقرار حكومي!!
سهير جرادات
16-01-2011 02:37 PM
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بعيد الشجرة ، في الخامس عشر من كل عام ، ينتظر الأردنيون تنفيذ قرار حكومي بإعدام (2200) شجرة تاريخية ونادرة في "غابات برقش " في محافظة عجلون ، تصل أعمارها إلى 500 سنة .
أثناء قراءتك لهذا المقال ستكون الجرافات قد وقفت في حوضي رقم ( 2 و3 ) من أراضي قرية عرجان في محافظة عجلون ، لإزالة الأشجار الحرجية ، بغية إقامة مشروع أكاديمية في مكان تصل فيه كثافة الغطاء النباتي إلى أكثر من 90 % ، حيث تمتد فيه أشجار التصقت بالأرض منذ ألاف السنين ، مثل السنديان والبطم والقيقب الموجودة في "غابات برقش" ، وبهذا القرار يكون ذلك مخالفة للمادة ( 35 ) لقانون الحراج الأردني ، التي تحظر قطع أي من الأشجار الحرجية المعمرة أو النادرة ، والنباتات البرية المهددة بالانقراض ، أو إتلافها أو الاعتداء عليها ، بأي شكل من الأشكال.
كما يشكل هذا القرار الحكومي مخالفة صريحة للمادة (28) من قانون الحراج ، التي نصت على عدم جواز تفويض الأراضي الحرجية ، إلى أي شخص أو جهة ، أو تخصيصها أو بيعها أو مبادلتها ، مهما كانت الأسباب . ونصت أيضا على عدم جواز تقسيم الأراضي الحرجية داخل حدود التنظيم أو تغيير صفة استعمالها.
لكننا في هذا البلد ، وكأننا نسير عكس التيار ، إذ جاء القرار"متناغما" مع إعلان الأمم المتحدة أن العام الحالي 2011 هو "عام الغابات" ، فبادر الأردن إلى إزالة أشجار الغابات المزروعة في مساحة تقدر (981) دونما ، رغم ضآلة نسبة الغابات في المملكة التي تبلغ 1% من مساحتها .
المصادفة المضحكة والمحزنة في نفس الوقت ، أن عملية تنفيذ القرار تتزامن مع احتفالات وزارة الزراعة هذا العام بعيد الشجرة، وزينته بالحث على إعادة زراعة ما التهمته النيران من أشجار في غابة الشهيد وصفي التل .
كما أن هذا الإجراء جاء مخالفا وتحديا للعديد من الدساتير العالمية، التي تدعو إلى حماية الغابات، وخاصة أن "أشجار الوطن " نادرة وعريقة، وأصبحت سمة تلازم المنطقة كمعلم حضاري يستهدي به كل زائر إلى وطننا الحبيب .
وهذه دعوة إلى الجمعيات والاتحادات والمنظمات والمؤسسات، التي تعنى بحماية البيئة ؛ للحراك نحو وقف تنفيذ هذا القرار الحكومي ، بحيث لا يكون تدخلهم على استحياء ، وإنما عليهم أن يستمدوا قوتهم من قوة وصلابة جذور هذه الأشجار ، التي ما زالت جاثمة رغم سنوات عمرها الطويلة.
الواجب الوطني يملي علينا ، أن نتوقف عند جدوى هذا القرار ، ومعرفة أسباب اختيار هذه الغابة بالذات ، وعدم اختيار أصحاب القرار لأراض مجاورة تخلو من الأشجار .
إن حرص أبناء الوطن على ممتلكاتهم الحرجية ، لهو دليل وعي وحس ، ينبغي علينا أن نزرعه في نفوس أبنائنا، في ظل تكالب بعض فئات المجتمع على قطع بعض هذه الأشجار.
"فبأي حال جئت يا عيد " لسان حال سكان المنطقة ، الذين ينتظرون على أحر من الجمر تصويب هذا القرار ، لتظل هذه الأشجار مصدرا لهواء نقي ينعش نفوس أبناء الوطن .
وما علينا إلا أن نقول : رعى الله الأردن ببواديها ، ووديانها ، وجبالها ، وسهولها ، وغاباتها .
Jaradat63@yahoo.com