واضح أن الجيش لم يكن موالياً لبن علي, وإلا لما غادر!! لكن الجيش اختار أن لا يعلن تسلمه السلطة, وترك لرئيس الوزراء ان يقوم بسلطات رئيس الجمهورية.
- ما معنى أن الرئيس يتعذر عليه ممارسة سلطاته؟! وما معنى أن يكون ذلك «مؤقتاً»؟!
- معناه أن الرئيس لم يكن في وارد الاستقالة, وأن رئيس الوزراء لا بد أنه لا يحب فتح كل الملفات, وأن يتفادى الفراغ الدستوري.
ومع ذلك فإن طي صفحة نظام قاس, من حياة الشقيقة تونس, هو خطوة متقدمة. فاذا تم انتخاب برلمان يمثل فعلا قوى الشعب السياسية والفكرية. وتم وضع دستور جديد, فإن الحياة الجديدة لهذا الشعب المثقف المتحضر ستأخذ طريقها الى الديمقراطية, والحرية, والكرامة!!
مرة, زرنا تونس بمناسبة أربعين أبو جهاد خليل الوزير. وحضر الرئيس بن علي الحفل الخطابي.. وكعادته أكثر أبو عمار رحمه الله من الالقاب.. والمدائح للرئيس, الذي اسماه زين العرب. وحين عدنا الى الفندق, وكان معنا صديق تونسي.. كنا نمسخر فسمينا أبا جمال عبدالرحيم عمر رحمه الله بزين جيوس, ثم خشينا أن نكون أخطأنا, فربما يكون الصديق التونسي قد تأثر من الكلام.. لكن الرجل ضحك وبدأ وكأنه وجد الجو ملائماً لفتح قصة النظام والرئيس, وما يجري خلف الستارة المزوقة!!
الغنوشي, زعيم التيار الاسلامي وليس رئيس الوزراء, كان له رأيه في النظام, لكننا كنا نتصور أنه معارض, وأن رأيه في الرئيس والنظام هو رأي المعارض!!
ويبدو أن موقع تونس الجغرافي والسياسي لم يكن يجذب ابصار المهتمين بالحياة الديمقراطية في العالم العربي. فكان الكلام عن التطور والتحديث نمطاً من قبول الناس بثلاثة وعشرين عاماً من حكم مستمر وقاس, في حين أن المعارضة التونسية اختارت المهاجر الاوروبية فالمشرق العربي, كما يبدو ليس مأوى المعارضات الديمقراطية المقبول. ولهذا لم نعرف الكثير عن حقائق الوضع في تونس الخضراء..
طالما أن الجيش لم يقم بانقلاب, أو بحركة تصحيحية أو الحكم لفترة ستة أشهر. فمعنى ذلك أننا أمام حالة مختلفة. فالتغيير الى الديمقراطية لا يتم بالقوة المسلحة!!
(الرأي)