المسافة بين الإعلام والإتصال وسقف الحرية
د.حسام العتوم
24-07-2023 04:08 PM
بصفتي أحد خبراء الإعلام الأردني وبتواضع، وبحكم عملي المهني والأكاديمي في مجالة الموزع بين الميدان والتدريس والأبحاث المتخصصة وان كانت محدودة الكم عبر سنين تجاوزت الربع قرن وترافقت مع عضوية نقابة الصحفيين، رصدت بأن الإعلام في بلدنا الأردن الغالي بدأ بالصحافة ومن دون مطبعة بداية إلى أن قدمت إلينا من فلسطين من حيفا والتي عرفت بمطبعة خليل حنا نصر 1917 1922 التي طورها الأردن لرسمية عام 1925 وصحيفتي " الحق يعلو " و" الشرق العربي " مطلع عشيرنيات القرن الماضي تزامنا مع مشروع الثورة العربية الهاشمية الكبرى النهضوي الذي قاده ملك العرب وشريفهم الحسين بن علي طيب الله ثراه عام 1916 بهدف بناء الدولة العربية الواحدة عبر بناء وحدة بلاد الشام وبناء إمارة شرق الأردن وصحافتها التنويرية القومية، وكان للأمير الملك المؤسس عبد الله الأول بن الشريف حسين الأديب والمثقف الدور البارز في انتاج صحافة الإستقصاء بتوقيع "ع" التي نحتاج لها اليوم لمكاشفة جمهورنا الأردني والعربي بمجريات أوضاعنا الداخلية والعلاقة مع الخارج فيما يتعلق بالعلاقة مع الحضور الأسرائيلي في الجوار العربي، والذي هو احتلالي استعماري استيطاني توسعي بأمتياز، وكانت الصحافة الأردنية شاهدة على قرار الأردن الرسمي بتعريب قيادة الجيش عام 1956، ومع ظهور مؤسسات إعلامية أردنية مثل الإذاعة والتلفزيون، دعا مليكنا الراحل العظيم الحسين بن طلال " طيب الله ثراه " إلى تأسيس وزارة للإعلام تكون حاضنة للمؤسسات الإعلامية العاملة والتي ستظهر لاحقاً مثل وكالة الأنباء الأردنية، والمدينة الإعلامية الحرة، وهيئة الإعلام، وقناة المملكة، والمواقع الإلكترونية، وشبكات التواصل الإجتماعي، فتم بناء الوزارة عام 1963، وجيء بصلاح أبو زيد وزيرا للإعلام، وأريد من الوزارة أن تدافع عن الأردن كما الجيش، وعبر الأردن مراحلاً سياسية وعسكرية ساخنة مثل حرب الأيام الستة التي صممها القوميون العرب وزجوا الأردن فيها في الساعات الأخيرة، وهي التي رفضها الزعيم الأردني الشعبي وصفي التل، وانتهت إلى خسارة قومية كبيرة، وواجه الأردن معركة الكرامة عام 1968 التي أظهر فيها جيشنا الأردني العربي الباسل شجاعة قل نظيرها التي أدارها القائد العسكري المحترف مشهور حديثة الجازي وانتهت إلى نصر كبير اشترك فيه أهل القضية الفلسطينية من داخل الخندق الواحد، وانقلبت طاولة السياسة بداية سبعينيات القرن الماضي وانتهت بإغتيال وصفي - شيخ الشهداء - الذي ذهب إلى الخلود، وخرج الأردن قوياً من جديد ليواصل البناء الوطني، وتعاقب على البناء الإعلامي الأردني شخصيات وطنية رفيعة المستوى عرفت بالبلاغة والشخصية القوية والثقافة القومية .
وواصل الأردن الشامخ مساره السياسي والإعلامي والإقتصادي واشترك في صناعة النصر العربي في معركة الجولان عام 1973 التي حررت مساحات واسعة من مدينة القنيطرة بجهد مباشر لقواتنا المسلحة الأردنية الباسلة الجيش العربي، وذهب الأردن لتوقيع معاهدة سلام الند للند مع ( اسرائيل ) عام 1994، لضمان حقوقه السيادية الجغرافية والمائية، وتمكن فعلا من تحقيق ما أراد ، وأصر جلالة الملك عبد الله الثاني على تحرير اقليمي الباقورة والغمر عام 2019 من نير الإحتلال الإسرائيلي بقوة الموقف الأردني من معاهدة السلام، وهو الذي رمى إلى دفن مشروع ( الوطن البديل ) إلى الأبد، وحقق الإعلام الأردني نجاحات كبيرة في تبيان حقيقة الحدث الوطني الهام، ولم يعد الأردن بعد معركة الكرامة الباسلة يقبل بأقل من النصر، وجذف تجاه حل الدولتين وهو من صنع قرار الأمم المتحدة 242 الذي يطالب ( اسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 67، وشارك الأردن عبر جيشه العربي الباسل في تحرير مدينة القنيطرة الجولانية عام 1973 وكان للأعلام الأردني دورا في ابراز النصر العربي الجديد، وذهب لتوقيع معاهدة سلام الند مع ( اسرائيل ) عام 1994 لنيل حقوقه السيادية الجغرافية والمائية وعلى مستوى القرار الدولي كاملة، ولا ننسى بأن الأردن هو من صنع قرار 242 في الأمم المتحدة الداعي لإنهاء احتلال ( اسرائيل ) للأراضي العربية التي احتلتها عام 1967، ولفتح الطريق أم بناء دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية عبر حل الدولتين وصولا لسلام عادل وشامل ترضى به كل أطراف الصراع العربي – الإسرائيلي، وكان الإعلام الأردني حاضرا وشاهد عيان، وشكل عام 1996 تحولا جذريا صوب الإنتقال الإعلامي الأردني من حالة وزارة الإعلام والإدارة الإعلامية الحكومية المركزية إلى حالة إعلام أردني من دون وزارة في عهد حكومة عبد الكريم الكباريتي وبجهد الوزير مروان المعشر، وهو الذي حصل عام 2003 في عهد حكومة فيصل الفايز، بعد أن تم تسجيل ملاحظات ميدانية على أداء ماكنة الإعلام الأردني وبعد الإرتكاز على الرؤية الملكية لكل من الملك الراحل الحسين وجلالة الملك عبد الله الثاني " حفظه الله"، بأن الشرعية الدولية بالعودة إلى حدود الرابع من حزيران لعام 1967 .
وشكلت حكومة عبد الكريم الكباريتي عام 1996 وبجهد مباشر للوزير الليبرالي مروان المعشر محورا جديدا للتحول في العمل الإعلامي الوطني من الوزارة إلى ما دون وزارة بعد تسجيل ملاحظات على ضعف التعامل الإعلامي مع الميدانين الداخلي والخارجي، وتم التجديف صوب الرقابة الذاتية بعد التخلص تدريجيا من الرقابة العلنية السابقة والحالية واللاحقة الأمنية الإعلامية، وتم تسمية وزير الإعلام وزير دولة، وحول مكتبه من الوزارة إلى مكتب تنسيق إعلامي داخل رئاسة الوزراء، وتمت الدعوة لتشكيل مجالس إدارات لمؤسستي الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الأردنية ، ولكي تعمل كل مؤسسة بقانون، وأريد لدائرة المطبوعات والنشر أن تتحول إلى دائرة معلومات وطنية، ولم يتحقق حلم حكومة " الثورة البيضاء – حكومة الكباريتي " إلا على يد حكومة فيصل الفايز التي عملت على حل وزارة الإعلام أولا عام 2003، فكان الدكتور نبيل الشريف آخر وزير للإعلام - رحمه الله -، وبقيت الركيزة الأساسية في التحول الإعلامي تستند إلى الرؤية الملكية، وعلى المادة 15 من الدستور الأردني التي نادت بسقف حرية إعلامي إطاره القانون، حيث تنص على أن " الدولة تكفل حرية الرأي، ولكل أردني ان يعرب بحرية عن رأية بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون " .
وهكذا بقي الأردن يعمل إعلاميا ووطنيا من دون وزارة إعلام، وتم توزيع المهام الإعلامية على مؤسسات الميدان بهدف الإنفتاح أكثر على الداخل والخارج ، وانطلق الأردن ومن وسط الرؤية الملكية للتعددية الإعلامية على مستوى المطبوعات والمسموعات والمرئيات – صحف يومية واسبوعية، ومجلات، واذاعات، مدينة إعلامية حرة، قناة المملكة، هيئة الإعلام، مواقع الكترونية -، وظهرت في المقابل أصواتا وطنية شعبية أردنية تطالب بالعودة لوزارة الإعلام ، وغيرها تقدم الحرية الصحفية الإعلامية على أي مشروع إعلامي بوزارة أو من دون وزارة، ونصت كتب التكليف السامي التي وجهت لرؤساء الحكومات الأردنية إلى ضرورة التوجه لبناء إعلام الدولة والوطن معطية إشارة بضرورة التخلص من الإعلام الحكومي الذي يمارس الدعاية لصالح الحكومات المشكلة من دون حسبة أن تكون دعاية تحاكي الواقع الأردني ، فأصبحت الغلبة للحكومات على حساب عدم مقدرة السياسة والإعلام على أحداث التغيير ووممارسة الرقابة على السلطات، والتعمق في النقد البناء وطرح البديل، والمعروف هو أن المدح وحده لا يبني، وبأن الواجب الوطني يقتضي التمسك بصحافة الإستقصاء، والتوجه للنقد من أجل البناء، واستمر الحال حتى منتصف هذا العام 2023 ومع استمرار حكومة بشر الخصاونة التي قبلت بالتحول اعلاميا من جديد إلى وزارة الإتصال الحكومي تناست أهمية التمسك بإعلام الدولة والوطن بمعنى تقديم الإعلام الوطني على الإعلام الحكومي، والمعروف هو بأن الدولة والوطن أكبر من الحكومة، والدولة تعني القصر والحكومة، والوطن هو الحاضن للدولة والوطن والشعب .
ولقد نص مصطلح الإتصال الحكومي على التدخل في وضع سياسة عامة للإعلام والإتصال الحكومي بعد الإلتزام بنصوص الدستور لضمانة حرية التعبير ، ولتعزيز النهج الديمقراطي والتعددية السياسية ، وبقية الحاجة الوطنية تدفع لضرورة التوجيه الوطني لحماية المجتمع وشريحة الشباب الواسعة ولكي ينخرطوا في العمل الحزبي والبرلماني، ولكي يتوجه المجتمع صوب الأنتاج بمساعدة الدولة بفتح مشاريع كبيرة منتجة تغطي محافظات الوطن ، وللوصول للبرلمانات الحزبية البرامجية المنتجة بعد زمن، ولربط العلاقة بين العشائرية والحزبية والمدنية ربطا محكما يصب في صالح الوطن، ولقد اصطدم المجتمع الأردني وبوجود وزارة الإتصال الحكومي بمادة الجرائم الإلكترونية رقم 15 التي فرضت عقوبات كبيرة على ممارسي النقد للعمل العام، واتبعت أحقية العقوبة للنيابة العامة مباشرة وفوريا دون العودة لصاحب النقد، وهو أمر مرفوض وطنيا وبرلمانيا وشعبيا .
وشارك الأردن عبر جيشه العربي الباسل في تحرير مدينة القنيطرة الجولانية عام 1973 وكان للإعلام الأردني دورا في ابراز النصر العربي الجديد، وذهب لتوقيع معاهدة سلام الند مع (إسرائيل) عام 1994 لنيل حقوقه السيادية الجغرافية والمائية وعلى مستوى القرار الدولي كاملة، ولا ننسى بأن الأردن هو من صنع قرار 242 في الأمم المتحدة الداعي لإنهاء احتلال ( إسرائيل ) للأراضي العربية التي احتلتها عام 1967، ولفتح الطريق أم بناء دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية عبر حل الدولتين وصولا لسلام عادل وشامل ترضى به كل أطراف الصراع العربي – الإسرائيلي، وكان الإعلام الأردني حاضرا وشاهد عيان، وشكل عام 1996 تحولا جذريا صوب الإنتقال الإعلامي الأردني من حالة وزارة الإعلام والأدارة الإعلامية الحكومية المركزية إلى حالة إعلام أردني من دون وزارة في عهد حكومة عبد الكريم الكباريتي وبجهد الوزير مروان المعشر، وهو الذي حصل عام 2003 في عهد حكومة فيصل الفايز، بعد أن تم تسجيل ملاحظات ميدانية على أداء ماكنة الإعلام الأردني وبعد الإرتكاز على الرؤية الملكية لكل من الملك الراحل الحسين وجلالة الملك عبد الله الثاني " حفظه الله".