الثورة التونسيه نموذج للحرية
د. بلال السكارنه العبادي
16-01-2011 02:45 AM
من صفعات العاطلين عن العمل من حرق اجساد الابرياء وقتلهم وتعذيبهم ومطاردتهم بالشوارع بالهروات وصرخات الاطفال وازاحة بسطات الفقراء والآمهم وجوعهم وتعذيب الشعوب وتكبيل ايديهم وبفعل تفاقم ما يمكن أن نسميه (منظومة الانفجار الثلاثية ). وهي ( الفقر والقمع والفساد) التي تفشت في العديد من الدول العربية في السنوات الأخيرة ، ونتج عنها العديد من التوترات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، بيد أن أحدا لم يتوقع ،ولم يكن بالحسبان ،أن تجري سنة التغيير انطلاقا من تونس وعلي يد أبناء الشعب التونسي ، بسبب القبضة الأمنية الحديدية والنظام البوليسي والانغلاق الإعلامي والمؤسسي هناك .
إن الشعب التونسى مشهور بثوراته على الظلم، فهو لا يستكين كثيرا، وعلى مدار تاريخه شهدت تونس العديد من الثورات بعضها كانت ثورات مذهبية، كحال الثورة على الدولة العلوية، وبعضها سياسية، وكثيرا ما كانت تلك الثورات تمتد لتشمل جميع دول المغرب، خاصة الجزائر، فالدول الاستعمارية غالبا ما كنت تعتبر الدولة التونسية والجزائرية دولة واحدة. وان الثورة التى حدثت فى تونس من الممكن أن تنتقل إلى باقى الدول المجاورة تأثرا بنظرية "الدمينو"، الخاصة بالتاريخ السياسى للدول، والتى تؤكد سهولة انتقال عدوى الثورات والانقلابات من بلد إلى أخرى مجاورة لها.
بيد أن اجتماع هذه الأوبة الثلاثة ( الفقر والقمع والفساد) بصورة خطيرة في تونس ، وسعي النظام لمنع أي نوع من التنفيس السياسي أو حتي الإعلامي فحالة الفقر اتصلت بصورة خطيرة في تونس بتعاظم الفساد من قبل أعوان وأسرة الرئيس التونسي ، وشارك جهاز الأمن السياسي (أمن الدولة) في قمع المواطنين ومراقبتهم بصورة غير معهودة بلغت حد ممارسة أعمال تعذيب بشعة ضد أي مواطن يعترض علي أي مسلك سياسي ، فضلا عن منع الحجاب رسميا ونزعه عن المحجبات في الشارع ، وتزوير الانتخابات وتحجيم أي قوي سياسية ، وتمديد حكم الرئيس مدة بعد أخرى لحد تعديل الدستور إرضاء له !.
وإذا كانت هذه الانتفاضة أو الثورة ضد الأنظمة التي تجمع بين الديكتاتورية والفساد والانهيار الاقتصادي ، بدأت بتونس لأسباب إضافية تتعلق بحالة الكبت والانغلاق التام للحريات وغلق الأفواه وبناء نظام علماني فج مدعوم من الغرب ، يصل لحد السخرية من أحكام الشريعة الإسلامية ومنع الحجاب رسميا ،وما يعمق هذه الأزمات لتمتد داخل الأنظمة العربية – كما كشفت الحالة التونسية – هو إن البطالة ليست فقط هي محرك الشارع ، لأنها موجودة في جميع دول العالم، ولكن المشكلة تتمثل في أن العاطلين والنشطاء السياسيين يثيرهم وجود الكثير من أشكال الفساد والمحسوبية والرشوة التي باتت تنخر كالسوس في مختلف الدول العربية ما سيجعل الكثير من الأنظمة السياسية في المنطقة مهددة وبقوة بسبب التوقعات بتدهور الأوضاع الاقتصادية مع انتشار الفساد ، ورد الحكومات بالقمع والاعتقالات والتعذيب والقتل لكل من يطالب بالإصلاح .
من هذا المنطلق تبدو الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي بمثابة درس هام لبقية الأنظمة العربية السلطوية التي تتجمع فيها ذات المنظومة الثلاثية (الفقر والبطالة – الفساد – القمع الأمني) ، ولكن دون أمل ظاهر في استيعاب هذه الأنظمة لهذه التطورات السلبية بسبب تفشي حالات الفساد وتحولها لبعض الأنظمة وتغلغلها فيها ، وتراكم المشكلات الاقتصادية التي ينتج عنها مظاهر سلبية واحتجاجات تدفع الأنظمة لمعالجتها عبر القمع الأمني .
ولذا فتحية تقدير واحترام للشعب الابى الذي قال واحد منهم يوماً "إذا الشعب يوماً اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ولا بد للظلم ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر " وليعلم ان الله حق وهو ينصر عباده المظلومين فحمدا لله و شكرا لله على نعماه ، و عقبال لكل الشعوب المضطهدة "تحيا تونس حرة مستقلة عزيزة كريمة و الجنة للشهداء الابرار ".
bsakarneh@yahoo.com