تخفيض مساعدات اللاجئين .. مسؤوليات اضافية أمام الأردن
نيفين عبد الهادي
24-07-2023 12:26 AM
مسؤولية جديدة تضاف على الأردن مطلع الشهر المقبل في تحمّله عبء استضافة اللاجئين، وتحديدا من الأشقاء السوريين، وذلك بعد إعلان برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، تخفيض قيمة المساعدات الشهرية بمقدار الثلث لجميع اللاجئين السوريين في مخيمي الزعتري والأزرق البالغ عددهم 119 ألفا، لتزداد بذلك كرة الثلج حجما في التحديات التي تواجه الأردن نتيجة تبعات أزمة اللجوء السوري.
قرار برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، والذي نصّ على أن اللاجئين في المخيمات سيحصلون اعتبارا من شهر آب المقبل على تحويل نقدي مخفّض قدره 21 دولاراً للفرد، بدلا من 32 دولارا، ولم يكتف بذلك إنما بين أن مزيدا من التخفيضات في المساعدات الغذائية للاجئين في الأردن أصبحت حتمية بسبب نقص التمويل، هي أزمة حقيقية ليس فقط للبرنامج ولا للاجئين السوريين، إنما أزمة للأردن وإشكالية كبيرة ستضعه أمام مسؤولية سدّ الفجوة التي ستحدث نتيجة لخفض قيمة الدعم، وبطبيعة الحال سيجد صعوبة كبيرة في تحقيق ذلك إن لم يكن عجزا حقيقيا في تحمّل ذلك.
بحلول الأول من شهر آب المقبل يتوقف برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة عن تقديم الدعم الحيوي للاجئين السوريين في الأردن، إشكالية خطيرة تنتظر الأردن يجب توجيه عين الاهتمام لها، والسعي بكل الوسائل المتاحة لحثّ البرنامج والدول المانحة باستمرار الدعم، فالأردن وحده لن يتمكن من توفير الدعم اللازم للاجئين السوريين، أو سدّ فجوة التمويل والدعم الذي سيوقفه برنامج الأغذية، وستشكّل هذه الخطوة بمثابة ترك الأردن وحده أمام عاصفة تتطلب وقفة دولية لتجاوز تبعاتها.
كما أن تبعات هذا القرار لن تتوقف عند حدّ توفير الطعام للاجئين، فقد حذّر المدير القطري والممثل المقيم لبرنامج الأغذية العالمي في الأردن، ألبرتو كوريا مينديز، من نتائج تراجع حالة الأمن الغذائي لدى الأسر اللاجئة بسبب نقص التمويل، وسيكون لها الأثر الكبير على زيادة عمالة الأطفال، وانقطاعهم عن الدراسة، وزواجهم، وتراكم المزيد من الديون التي ارتفعت بنسبة 25 في المئة بين اللاجئين في المخيمات مقارنة بالعام الماضي، وحتميا كلّ هذه النتائج السلبية لن تطال فقط مجتمع «اللاجئين» إنما سيتأثر بها المجتمع الأردني بشكل عام، ناهيك عن الأعباء المالية الضخمة على الاقتصاد الوطني.
واقع عملي وفي أي اتجاه تمت قراءته سنجد أنه خطير، ويحمل إشكاليات أقل ما توصف به أنها كبيرة وخطيرة، ويجب أن تجد اهتماما كبيرا من العالم الذي لا يمكنه أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الأزمة، وأن يترك الأردن يواجه بجهوده منفردا استضافة اللاجئين السوريين على مر السنوات، والذي حرص على مدارها توفير سبل العيش الكريم للاجئين، وفتح لهم قلبه قبل مدنه وقراه، وتحمّل نتيجة ذلك الكثير من التحديات والصعوبات على قطاعات متعددة أبرزها المياه، الصحة، التعليم، العمل، والبنية التحتية، وغيرها من قطاعات عمليا تواجه اليوم مشاكل كثيرة نتيجة استضافة اللاجئين.
اليوم، يجب العمل دوليا لإيجاد حلول أكثر استدامة، لتوفير الدعم اللازم للاجئين السوريين، وتلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، والسعي بجدية وحسم لعدم نقص التمويل، والاستمرار بتوفير الحياة الكريمة للاجئين، وعدم قطع الطريق أمام الأردن وتركه في منتصف الطريق، يتحمّل عبء آلاف اللاجئين وتوفير الأفضل لهم منفردا، ففي ذلك ليس فقط تقصيرا بالمهام، إنما عدم عدالة لجهة الأردن الذي فتح أبوابه للاجئين وتحمّل وما يزال نتيجة استضافتهم، وتحمّل ويتحمّل عبء اللجوء نيابة عن المجتمع الدولي.
وبطبيعة الحال أمام هذه الإشكالية الكبيرة، على الأمم المتحدة أن تعمل بجديّة وبإجراءات عملية لتمكين العودة الطوعية للاجئين السوريين، سيما وأن عدد العائدين من السوريين لوطنهم ما يزال يشكّل رقما بسيطا، ودون أدنى شك في عودتهم بطبيعة الحال حلّ جذري لملف اللاجئين، سيما وأن الأردن هو أكبر ثاني دولة في استضافة اللاجئين السوريين، حيث يبلغ أعداد المسجلين لدى الأمم المتحدة 670 ألف لاجئ، فيما يبلغ إجمالي الموجودين داخل المدن والقرى مليونا و300 ألف، مما يجعل من إيجاد حلول عملية لهذه الإشكالية بإطار دولي مسألة حتمية.
(الدستور)