في الحديث عن استهداف التربية والتعليم
فيصل تايه
24-07-2023 12:21 AM
بالنظر الى النمطية السلوكية السائدة والمقلقة التي اجتاحت منظومة التفكير الجمعي ، والتي اصبحت ثقافة منتشرة مستحدثة نشأت مع الاستخدام اليومي لوسائل التواصل الاجتماعي ومتابعتها لمحطات الفضاء المفتوح الواسع ، فالعديد منها باتت بوابات لنشر المحتوى المراد به إشاعة خطاب الاستقواء تستهدف بشكل واضح ما يصدر من قرارات او تصريحات من قبل المسؤولين ، مشكلة مادة دسمة للاحباط والسلبية وزعزعة الثقة ، حيث تلقى ما تلقى من تسخيف وعبث وابتذال الكتروني او مرئي دونما رقيب او حسيب .
نحن اليوم امام "مأزق جمعي" اظهر فئة من "المتربصين" ممن استغلوا الفضاء المفتوح بوابة للشهرة ، فمنهم من نصبوا أنفسهم وكلاء على الوطن والمواطن، فهم منْ يكيلوا الاتهامات بشكل يسئ الى مؤسسات وطنية ، مستغلين سماحة الدولة وسعة صدرها ، بل واصبح شغلهم الشاغل تقصد ايقاع الجهات المسؤولة في الدولة بإرباك متعمد وخاصة وزارة التربية والتعليم ، وذلك من خلال متابعة مجريات امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة ، حيث يطيب للبعض بث خطاب كيدي مقصود ، وسط الكثير من التنظيرات من قبل "زمرة معروفة" والتي من السهل من خلالها بث الدعايات المغرضة وكيل الاتهامات بقصد او بغير قصد ، في محاولات فاشلة لإضعاف القرارات والتشكيك في مصداقيتها وتحريفها ، ذلك بأدوات باتت متداوله ، وتتصدر صفحات ووسائل التواصل المتاحة ، او من على شاشات محطات التلفزيون المعروفة ، لخلق أزمات مفتعلة ومتعمدة وتقليب الرأي العام وتضليله بتلفيقات لا تنتهي ولا تهدف إلا التشكيك بكل ما هو جميل في هذا الوطن المعطاء .
ان وزارة التربية والتعليم وهي تخوض اليوم مهمتها الوطنية من خلال ملف الثانوية العامة ، وبتعاون المعلمين " فرسان الميدان" واصحاب الفضل العظيم في نجاح هذه المهمة الوطنية ، ما يستوجب المتابعات اليومية لكافة المجريات واصدار القرارات "على أهميتها" والتي تهدف بالأساس الى العدالة في تطبيق الاجراءات حفاظاً على هيبة الامتحان وعلى حقوق الطلبة ، فذلك يتوقف عليه مستقبل جيل كامل في تحصيل المعرفة والبناء التعلمي للناشئة ، إلا أنه يجري التعامل مع هذا الملف من بعض الابواق بمنتهى التسخيف والتسطيح والابتذال والاستغلال ، خاصة ما يصدر من عقليات لا تتعامل الا بالتهكم والتهريج والانتقاد ، فنحن أمام حرب شعواء مدخلاتها ومخرجاتها تقود وللاسف لتشكيل ثقافات مغايرة لوعينا الاجتماعي الجمعي وقيمنا الاردنية الأصيلة .
ان ظاهرة استهداف وزارة التربية والتعليم هو تعدٍ صارخ على مؤسسة حكومية وعلى اعرافها وقوانينها ، فكل خطاب اتهامي يبث ضد هذه المؤسسة الوطنية مرفوض ، ومناف للحس بالمسؤولية الاخلاقية والقيمية ، ويهدف الى مشاغلة وزارة التربية والتعليم عن اولوياتها ، فمن يحاول استخدام اجنداتة المتلونة فلا بد من تطبيق التشريعات الجزائية التي تعاقب بوضوح تلك الأفعال ، ولا بد من تفعيل الإجراءات القانونية ليحاسب من يقوم بحملات تشويه سمعة المسؤولين والوزارات والدوائر الرسمية واستهداف سمعة الامتحان ، خاصة من لا يعجبه ادارة ملف الثانوية العامة ويشيّع ويروج للشائعات بأنواعها .
علينا الانتباه الى ضرورة ايجاد استراتيجية عمل وطني ، والتوسع في إدخال مفاهيم التعامل الرشيد في مؤسساتها ووسائلها المختلفة باستخدام منصات التواصل الاجتماعي ، ومواقع الأخبار الإلكترونية والمحطات التلفزيونية المنتشرة ، بل والدعوة إلى ميثاق وطني صريح يجد حداً للادعاءات والتحريضات بدعوى "حرية التعبير" وملاحقتها وتعريه مروجيها ، والتي مضمونها التدليس المستمر ، خاصة ممن يستهويهم تلوين الوقائع وتحريفها ، في محاوله منهم انتهاج خط التشنيع الواضح بإشاعاتهم وشغفهم الغريب ، دون البحث عن حقائق الأشياء واسبابها الحقيقية من مكامنها ودون استيعاب أي نوع من العبث هذا الذي يمارس في تشويه صورة جهاز حكومي تربوي سيادي ومحاولات المساس بابنائه ، ومن يسعى في هذا الأمر إلى نهاياته قد يرى حقيقة أمره وغلوه المفضوح ، وفي إشاعة كثير من زبد الأقاويل عبر جدل دعائي ما هو إلا سراب .
وأخيراً ، لنتقي الله في أنفسنا ونبتعد عن اية شرذمات مقيتة بدعوات مشوهه ، وسواء أكانت تلك موجه من عدمها ، ما يستدعي حملة من مدخلات الوعي من مثقفين وإعلاميين وقانونيين واستخدام منظومة الدولة لكل اداوتها في حرب مضادة ، تحتاج الى مواجهتها جميع المعالجات، سواء التوعوية او القانونية ، باعتبار ذلك ينطوي على مخاطر استراتيجية لا تقل مستوياتها واثارها وسلبياتها عن الازمات المعقدة ، والتوترات المقلقة .
بقي ان اقول ان المعيار الحقيقي هو مقدار ما يعطي الإنسان لهذا الوطن وليس بمقدار تحقيق المكتسبات على حساب الوطن ، ولا ننسى قول رسولنا الكريم : " فتنةٌ عمياء صمّاء عليها دعاة على أبواب النار، فأنْ تموتَ وأنت عاضٌّ على جَذْلِ شجرة خيرٌ من أن تَتْبَعَ أحداً منهم".