نقمة شعبية لا تحجبها الثقة النيابية ومطالب لا يمكن تجاهلها .
مرَّ يوم الجمعة بسلام, الآلاف تظاهروا في عمان ومدن عدة, ضد الغلاء وسياسات الحكومة, من دون ان تسجل حادثة احتكاك واحدة بين رجال الامن والمواطنين .. لكن برزت في الكرك واربد ظاهرة خطيرة مزعجة هي ظاهرة البلطجية الذين تعرضوا للمواطنين وحاولوا منعهم من المشاركة في المسيرات, كما تعرضوا بالتهديد وممارسة الاعتداء على زملاء من قناة الجزيرة في الكرك لمنعهم من ممارسة دورهم الاعلامي.
وقد بدا واضحا لمشاركين في المسيرات ان جهات رسمية تقف وراء هذه المجموعات المسلحة بالأمواس والبلطات.
لم تضطر قوات الامن الى التدخل امس واتخذت مواقع بعيدة عن المسيرات, اما المشاركون بالمسيرات فقد تصرفوا بدرجة عالية من المسؤولية. مع ان المنظمين هم في معظمهم مجموعات شبابية, وليسوا احزابا تقليدية اعتادوا على تنظيم المسيرات وضبط حركتها.
مرَّ اليوم بسلام, لكن دلالات ما حدث تستدعي من صُناع القرار في الدولة والحكومة ان يقفوا عندها, فثمة رسائل مهمة حملها الشارع اليهم.
ان مجرد نزول المواطنين الى الشارع مؤشر على مدى الاحتقان الكامن في صدورهم وحجم الصعوبات المعيشية التي تواجهها الاغلبية الساحقة منهم. وتخطئ الحكومة الظن ان اعتقدت ان ما حدث مجرد ردة فعل عابرة ستطوى مع انقضاء يوم امس. فما حصل يمكن ان يتجدد في اي لحظة وبأشكال اكثر اتساعا وحِدة اذا لم تبادر مؤسسات الدولة الى مراجعة جدية وشاملة للاوضاع في البلاد وتُعيد رسم السياسات بما يتلاءم مع مصالح اغلبية الشعب.
واظهرت مسيرات الجمعة ان الحكومة تواجه نقمة شعبية كبيرة عكستها هتافات المشاركين في المسيرات وكان القاسم المشترك لهذه الهتافات المطالبة برحيل حكومة الرفاعي.
فيما يشبه الرد على الثقة النيابية العالية بالحكومة ولم يسلم النواب من النقد على هذه »الثقة« بالحكومة ونالوا نصيبهم من الغضب الشعبي.
صحيح ان اعداد المشاركين في مسيرات الجمعة لم يكن بعشرات الآلاف, لكن المطالب والشعارات التي رفعها بضعة آلاف هي ما يؤمن بها جميع الاردنيين. هذه الحقيقة ينبغي ان لا تغيب عن بال المسؤولين وهم يُقيّمون احداث الامس. والعناوين هي ذاتها التي كانت وسائل الاعلام وكل الحريصين على المصلحة الوطنية يرددونها باستمرار وتتجاهلها الحكومات لا بل وتتهم من يرفع صوته بالنقد بالسوداوية والنظرة المتشائمة.
الشعب قال كلمته في الشارع, فهو غاضب من الفساد والسياسات الاقتصادية ومن الاقصاء والتهميش, والتلاعب بمقدرات البلاد, ولا يثق بالنُخب السياسية والإعلام المُزيف فماذا تقول الحكومة?! .
(العرب اليوم)