لا يمضي يوم إلا وفيه اعتصام.. يوم أول من أمس فك سائقو شاحنات نقل الحبوب اعتصامهم. فهذا بلد لا يخاف الجماهير، والمسيرات، والاعتصامات. ولو احصينا عددها في سنة لوجدنا أننا تظاهرنا أكثر من بريطانيا!!.
لكن بلدنا لا يتعامل مع "يوم الغضب"، فالغضب ليس بديلاً عن الاحتجاج، والضغط الجماهيري على الحكومات. وهو ليس العملة الشائعة في الأردن!!. والغاضبون وهم قلة حزبية من بقايا بعض الأحزاب، يعرفون أن الدولة الأردنية لا تحتمل غضب أفراد.. ولا تتعامل معهم تعاملها مع أحزاب ديمقراطية، تأخذ نفقاتها من موازنة الدولة!!.
مساء اول من أمس خرج الآلاف في سياراتهم – الطقس بارد – احتفاء بنصر المنتخب الأردني، فقد كان يوم فرح، وهذا يليق بالناس المتحضرين. وكان امس الجمعة يوماً عادياً صلى فيه الناس، واشتروا وباعوا، وتزاورو ، وعزّوا .. لكن لا مجال للغضب في مدنهم الجميلة النظيفة، وفي قراهم، وفي مخيماتهم. وعلى الغاضبين أن يشربوا ماءً بارداً، فذلك يجعل البشرة ناعمة ويانعة. ويخفف من احتقانات المعدة!.
الأحزاب والنقابات والنوادي وكل منظمات المجتمع المدني لم تشارك في المسيرة. إذن من شارك؟! وحتى حين تشعر الأحزاب والنقابات أن عليها واجب حماية الطبقات الفقيرة من غول الغلاء، فإنها ستعتصم يوم غد. اعتصام دون مسيرات مع أن جلالة الملك سبقها.. وأعاد كل شيء إلى ما كان عليه، وأفضل، فالذي يضع أذنه على نبض الشارع ليس كمن يتاجر بفقر الفقراء، وعوز العاطلين عن العمل، وجوع الجائعين.
لم يصمد هذا البلد طيلة نصف قرن من الاستهداف العربي، والتآمر الصهيوني عبثاً، فهذا الحلف المقدس بين شعبنا الأردني ونظامه السياسي كان أقوى من العواصف التي اطاحت بكل الأنظمة السياسية العربية. والذين انهزموا في المعركة لا يحق لهم أن يعودوا بوجه آخر، ويلعبوا لعبة أخرى!!.
الرأي