"الأردنية" وتدويل التعليم العالي
أ. د. ناهد عميش
23-07-2023 11:55 AM
عمون - شهد العالم في السنوات الأخيرة الكثير من التغيرات السريعة والتي طالت الكثير من المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في جميع أنحاء العالم.
والتعليم العالي، مثله مثل بقية القطاعات، تأثر بهذه التغيرات، وظهر ما يسمى بـ "تدويل التعليم العالي" وأخذ أهمية كبيرة في الكثير من الدول.
وقد أصدرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" استراتيجية تدويل التعليم العالي، بوصفها وسيلة للارتقاء في التعليم والبحث العلمي عام ١٩٨٩ والتي تشجع على تبني التدريب في التعليم، وتحديث الخطط بما يناسب التوجهات العالمية، وتبادل أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة، وتعليم اللغات الأجنبية، واستقطاب الخبراء والمتخصصين، وتطوير مهارات التواصل، وتعلم اللغات الأجنبية، وتعزيز الشراكات لتجويد مخرجات التعليم.
أما اتفاقية بولونيا؛ فهي تعتبر من أهم التجارب العالمية التي أدت إلى الارتقاء بالتعليم العالي في أوروبا ففي عام ١٩٩٨؛ جاء إعلان السوربون في فرنسا الذي وقعه أربعة وزراء تعليم من دول أوروبية لتطوير التعليم في أوروبا والذي تبعته في عام 1999 اتفاقية بولونيا، حيث اتفقت 29 دولة أوروبية على إنشاء منطقة أوروبية موحدة للتعليم العالي من أجل رفع جودة التعليم العالي الأوروبي، وتشجيع تنقل الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية عن طريق توحيد المعايير الأساسية في العملية التعليمية.
وفي ظل كل هذه التطورات؛ ظهر الاهتمام الكبير في التصنيفات الدولية والوطنية للجودة و الاعتماد بمؤسسات التعليم الجامعي، والعمل على الحصول على الاعتمادات الدولية، وبذلك أصبح التدويل وسيلة مهمة للمؤسسات التعليمية لتعزيز مكانتها وقدراتها التنافسية على المستويات: المحلية؛ والإقليمية؛ والعالمية.
ومن أوائل الدول الشرقية التي سارعت إلى تطبيق التدويل في مؤسساتها كانت اليابان وكوريا الجنوبية.
وفي الأردن يواجه التعليم العالي تحديات كبيرة، ولا يجوز أن نبقى في مربع تحليل المشكلات التي تواجهنا وتشخيصها؛ بل علينا العمل على تحسين الواقع، والاستفادة مما نمتلك من قدرات لتطوير المنظومة التعليمية في جامعاتنا .
وعليه؛ لا يمكننا أن نبقى مراقبين فقط لما يحدث في العالم من تطورات، فنحن لا نعيش في جزر منعزلة، وعلينا أن نولي التصنيفات العالمية والاعتمادات الدولية الأهمية القصوى.
ففي الجامعة الأردنية تقدمنا مؤخراً في تصنيف الQS وأصبحنا من أفضل ٥٠٠ جامعة في العالم، وهو إنجاز مهم ترافق مع عملية إصلاحية كبيرة تقوم بها الرئاسة الحالية من تحديث البرامج الأكاديمية وتحديث القاعات التدريسية لتتناسب مع التطور الحاصل على وسائل واستراتيجيات التعليم الحديثة، كما عملت الجامعة على استقطاب خبراء لإعطاء محاضرات للطلبة، وذلك للربط بين سوق العمل ومخرجات التعليم، ولا ننسى وجود عدد لا بأس به من الطلبة الدوليين في الجامعة وهي من إحدى المؤشرات في الاعتمادات الدولية.
هذا التقدم بالفعل هو مجهود تراكمي من الإدارات السابقة ومن جهود أعضاء الهيئة التدريسية التي تعمل على تجويد مخرجات التعليم والبحث العلمي، إضافة إلى نوعية الطلبة.
ومن هذه الإنجازات للجامعة الأردنية هو حصول كلية اللغات الأجنبية على الاعتماد الدولي Evelag وهو من أهم المؤسسات العالمية التي تمنح الاعتمادات الدولية للكليات الإنسانية، وبذلك تكون كلية اللغات الأجنبية هي أول كلية من الكليات الإنسانية في الجامعات الحكومية التي تحصل على اعتماد دولي لأربعة من برامجها.
وتكمن أهمية الاعتمادات الدولية في أنها أصبحت مطلباً في سوق العمل العالمي؛ فهي تعتبر ضمانة للطالب على جودة الجامعة والكلية التي درس فيها، حيث تقوم المؤسسات التي تعمل على إعطاء شهادات الاعتمادات الدولية على التأكد من أن المؤسسة أو الكلية تعتمد المعايير العالمية نفسها التي تضمن جودة مخرجاتها التعليمية.
والصحيح أن الحصول على مثل هذه الاعتمادات والتصنيفات يجب أن يكون جزءاً من عملية إصلاح جذرية شمولية، وألا يكون هدفاً منفصلاً، وأن يعمل هذا التقدم في التصنيفات والاعتمادات الدولية على تحسين مخرجات التعليم بحيث يصبح خريج جامعاتنا مسلحاً بكفاءات ومهارات تؤهله على التنافس المحلي والإقليمي والعالمي.
فنحن نهدف إلى تأهيل الطلبة ليصبحوا مواطنين عالميين مع المحافظة طبعاً على هويتنا وثقافتنا التي نعتز بها .
تنافس الجامعات على جودة الخريجين وقدرتهم على التنافس العالمي، وبناء شراكات عالمية، والانفتاح على ما يحصل في الدول الأخرى؛ يعد ضرورة قصوى في وقتنا الحالي، وحجر الأساس للتنمية والتطوير وبناء اقتصاد المعرفة.