طلبة الجامعات وممارسة العمل الحربي
د. عبدالهادي أبو قاعود
23-07-2023 11:04 AM
شرعت الحكومة ممثلة برئيسها وجزء من فريقه الوزاري في عقد لقاءات مباشرة مع عدد من طلبة الجامعات الرسمية بدأتها في الجامعات الأردنية ثم جامعة مؤتة ثم ال البيت وآخرها لغاية اللحظة كان في جامعة اليرموك، كان الهدف الرئيس هو تشجيع الطلبة وتحفيزهم نحو المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية من خلال بوابة الأحزاب، هذه البادرة من الحكومة تمثل خطوة إيجابية تأتي تنفيذا لرؤى جلالة الملك في تطوير وتحديث المنظومة السياسية لتكون الأحزاب حاضرة فاعلة في العمل السياسي وفق رؤى وبرامج سياسية واقتصادية واجتماعية قابلة للتطبيق.
يبلغ عدد طلبة الجامعات الرسمية و الخاصة وفقاً لموقع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للعام الجامعي ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣م (379005) طالب وطالبة، غالبيتهم في الجامعات الرسمية بنسبة تبلغ ( 73٪)، و (27٪) في الجامعات الخاصة، مع الاخذ بعين الاعتبار وجود ما مجموعه ( 41850) طالب وطالبة من الوافدين.
هذه الأرقام مؤشر على أهمية هذه الشريحة من المجتمع ليس فقط من ناحية الكم الذي لا يستهان به لكن أيضا من حيث النوع فهم يتلقون تعليما يصنف بأنه عاليا باعتبار أن القانون عرّف مؤسسات التعليم العالي بأنها الكلية أو الجامعة أو مؤسسة التعليم الذي يأتي بعد مرحلة الثانوية العامة، وهم في مرحلة عمرية وذهنية مهمة قائمة على التساؤل والتحليل والتأثر والتأثير فيما بينهم، إلى جانب أنهم أمل ذويهم الذي يرون فيهم امالهم المعلقة بنجاحهم وطموحاتهم.
أقول هذا وانا اشتبك مع الطلبة منذ ما ينوف على العقد من الزمان في مختلف التخصصات في متطلبات الجامعة ومتطلبات التخصص، واستمع إلى ارائهم، التي تبدأ من - التخصصات المشبعة- هذا المصطلح الذي يخرج علينا به بين الفينة والأخرى مسؤولون يشيعيون الاحباط بين طلبتنا وذويهم دون أن يقدموا حلولا عملية تبدد مخاوف الأجيال من تبعات هذا المصطلح، ويبحثوا عن حلولا عملية تعيد الجامعات إلى دورها في تنمية المجتمع وتطويره بدل أن تكون وحدات ضخ لمئات الألوف من المتعطلين عن العمل.
طلبة من مختلف فئات المجتمع في قاعة واحدة من بيئات مختلفة ومتباينة اجتماعيا وماليا وفكريا أحيانا، اسألهم عن عدم انتسابهم للاحزاب؟ فيأتي في أول الإجابات ماذا ستضيف لنا الأحزاب في مجال التوظيف ونحن نرى أن المتصدر لهذه الأحزاب هي نفس الوجوه سواء من غادر السلطة التنفيذية أو التشريعية، يعود من باب الأحزاب فيبدا جولاته في المحافظات و الأرياف والمخيمات متقربا منهم بحديث أصبح مألوفا مستهلكا عن الخدمات والبطالة والأوضاع الاقتصادية داعياً الشباب للانضمام إلى حزبه الناشئ بحجة أن المستقبل لهم وأن هدفه هو تحقيق آمال وتطلعات الشباب وأنه يريد وضعهم على الطريق الصحيح ولا غاية له سوى تحقيق النهضة للوطن، مع مزج الحديث بأمثلة عن عدد من الشباب الذين تم اعطاءه قائمة بأسمائهم من أحد المعارف بحجة أنه متابع لمبادراتهم ومشجع لها. إلى جانب التواصل مع عدد من الشباب والشابات وإعطاءهم حصة من المواقع داخل الحزب من عضوية مجلس أو رئاسة لجنة، أما منصب الأمين العام فهو محجوز من أول يوم للشخص الذي أوجد هذا الحزب، وتكفل بنفقات الجولات والدعوات، ودليل ما أقول نظرة واحدة لعدد من الأحزاب التي ظهرت على المسرح فجاءة وعقدت مؤتمرها العام من خلال توجيه رقاع الدعوات لأكبر عدد من الأشخاص الذين تم إشراك بعضهم من خلال تصوير هويته فقط دون معرفة برؤية الحزب وبرنامج عمله وخطته، في سبيل رفع عدد الأعضاء والتفاخر بأنه يمتلك قاعدة شعبية واسعة مع الاستعانة بمصور حاذق في عمله يعرف كيف يلتقط الصور ولمن وكيف يظهر خليطا من الفئات العمرية ليبدو الفريق الحزبي متنوعا.
الجامعات مكان لتحفيز الطلبة على المشاركة في العمل السياسي كل وفق رؤيته وأفكاره من خلال توعية الطلبة وتوجيههم نحو الغاية من الأحزاب دون تحيز لحزب على حساب آخر، ومنحهم مساحة من الممارسة الديمقراطية تطبيقا داخل جامعاتهم بحدود ما يقدم من خدمات وأنشطة وأن تنفتح القيادات الأكاديمية بمختلف درجاتها على احتياجاتهم وتلبية الممكن منها في حدود إمكانيات هذه الجامعات، مع ضرورة مراعاة قرب المسافة العمرية بين الطلبة وأساتذتهم في المساقات الخدمية والدوائر الملتصقة بالعمل الطلابي والأنشطة.
الطلبة يحتاجون القدوة التي تفهم لغتهم وتفكر وتدرك مدارات أفكارهم، فقد سئموا الأحاديث المكررة والاحباطات التي تمطر بؤسا والوعود التي ترى فيهم جسورا تصل بالنخب المستهلكة مرة أخرى إلى الواجهة، الشباب يريدون وجوها جديدة تدرك حقيقة ما بواجهونه من عقبات، يريدون من يصنع الحلول، لا من يقف عند المشاكل التي صنعتها النخب الباحثة عن مشاركتهم الشكلية، مشاركة الشباب تتطلب افساح المجال لهم فقد سئموا من مزاحمة أصحاب المصالح المعيقين لتقدمهم.