بالنظر الى ما تناقلته بعض المواقع الالكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي ، وما تناولته بعض وسائط الإعلام التفاعلية والمرئية والمتعددة الشغوفة بترتيب أولوياتها التشويقية بما يتناسب ومصالحها وزيادة عدد متابعيها ، في تسرع متهور للسعي نحو وهم "الشهرة" ، وتحقيق الأرباح الخيالية ، لتجد في مجريات امتحان "التوجيهي" وتفاصيله اليومية المادة الدسمة والفرصة السانحة لتحقيق ذلك عبر لقاءات استعراضية مرئية ، او من خلال ما تلتقطه كاميراتها المحمولة عبر بث فوري "عاجل" ، في مقابلات مباشرة من على "بوابات المدارس" عقب كل امتحان ..

ان ما تحمله تلك اللقاءات من "اكشنات" تظهر فيها ردود أفعال عشوائية من بعض الطلبه وأولياء أمورهم ، فاما ان تنقل في محتواها فرحاً او سروراً ، او تذمراً انفعالياً يوحي بصخبٍ اجتراري الهدف منه التخبيب والتأليب والتهييج لإطلاق الأحكام العشوائية الوهمية الواهية ، وبتحريض من بعض من يرهقون احلام ابنائنا الطلبة بالعبث اليومي في محاولات فاشلة لتشكيل رأي شعبويّ مؤثر ، وفي اهاجة منكبة ومتعمدة ومقصودة من بعض متكسبي الدروس الخصوصية ، وبعض اصحاب "المنصات الربحية" والمراكز الثقافية "الظليّة" ، وبعض المدارس "ذائعة الصيط" "المغمورة" ، ذلك باطلاق " مفرقعات فيسبوكيه " او لايفات "تك توكيه" تفاعلية وخاصة ممن وجدوا انفسهم "محرجين" من طلبتهم امام اسئلة وزارية حققت العدالة ، فخرجت عن سياقاتهم وتوقعاتهم وتخميناتهم ، وكانت صادمة لتنبؤاتهم ، "متناسين" ان التقييم الحقيقي للامتحان وجودته يأتي "لكافة طلبة المملكة" بعد انتهاء الاجراءات المتعلقة باستخلاص النتائج وتحليلها بكل دقة ونزاهة موضوعية ، لتظهر وهي تحمل نسب النجاح العامة والفئات المعيارية لها .

انا شخصياً اعتبر هذه المؤثرات "الاكشنيّة" ، مادة دسمة لصياغة "تريندات" تفاعليه وعواصف إلكترونية لافته ، لاسباب تكسبية وتنفعية محضه الغرض منها "دعائي" ليس إلا ، والمحيّر في الموضوع ان ذلك يقوم على حساب سكينة وطمانينة ابنائنا الطلبة ، ما ينتج هالة من الاحكام والطروحات المقصودة و"المحبوكة" بعناية سعياً لتشكيل رأي شعبويّ مؤثر من أمام "الكاميرات المباشرة" أو حتى في التعليقات أو اللقاءات الحوارية التي تستخدم هذا المحتوى لتغطية مساحة من وقت برامج بعض المحطات ، مع التركيز المتعمد على المقابلات الانفعالية التي تلهب مشاعر اولياء امور الطلبة ، والتي تتقصد الطلبة الذين اخفقوا في امتحان ذلك اليوم او لم يتمكنوا منه ، ناهيك أيضاً عن الترويج لحملات الإثارة والتوتُّر اليومي الموجهه لتقلق ابنائنا الطلبة ، في الوقت الذي يجب أن تلتزم فيه تلك الوسائل وخاصة "الفتية" منها او "الصاعدة" ، في هذه الفترة "تحديداً" بالابتعاد عن الإثارة والسلبيّة ، والالتزام بالموضوعيّة والدقة في التغطية الاخبارية .

كما ولا تتوانى تلك المنصات والمواقع في نشر المغالطات ، وتقود حملات تستهدف في مضمونها الإساءة للمسؤولين وللإجراءات الفنية للامتحان ، بعيدا عن النقد الموضوعي الدقيق ، والمنهجية العلمية في الطرح ، مسلطة الضوء على تلك السقطة المطبعية غير المؤثرة والتي لم تتوانى وزارة التربية والتعليم في الاعلان الفوري عنها والاعتراف بها وتجييرها لصالح الطالب ، ودليل ذلك ان العلامات الكاملة بدات بالظهور منذ اليوم الأول في قاعات التصحيح في ذلك المبحث ، كما ومن الملفت أيضاً ان يأتى هذا الصخب من خلال برامج تلفزيونية مؤثرة في الرأي العام ، والتي تقوم بتشريح الامتحان بعيدا عن حضور خبراء القياس والتقويم المختصين ، والحكم عليه في تحليل براغماتي يفتقر الى الدقة والموضوعية ولا يستند الى مرجعية تقويمية مدروسة "وتستقصد" توجيه اللوم لوزارة التربية وسياستها فى وضع الأسئلة ، والاصرار على الدخول في دوّامة التشكيك والتسويف والتلفيق والتسويق لتجار مناهج الظل "الخصوصية" قبل كساد سوق "دوسياتهم" وما تشمله من محتويات بديله للمناهج الدراسية ، والتي لطالما حذرنا منها ، وقلنا ان لا بديل عن الكتاب المدرسي ، ما يتسبَّب من تشتيت تركيز الطلبة حيال طريقة الدراسة والتحضير للامتحاناتهم القادمة.

انا أعلم كغيري من التربويين ، ان الاجراءات المتبعة في التعامل مع ملف "الثانوية العامة" هي اجراءات احترافيه توارثها العاملون في وزارة التربية والتعليم على مدى تاريخ هذا الامتحان الوطني ، وليس فى هذا الصخب المفتعل الذي تقوده جهات متكسبة "معلومة" أى خيط من نسيج ديمقراطية التقويم وعدالته ، فهذا الأسلوب التذمري الفض في التعامل مع امتحان الثانوية من قبل "فئات قليلة" بات مكشوفاً ، لذلك فان علينا جميعا مسؤوليه وطنية وأخلاقية ، فلا مكان للأبواق التي تغذي اية نمطية سلوكية هدفها اجتياح منظومة التفكير الجمعي لدى جيل كامل سعينا به لتحصيل المعرفة والبناء الذهني والبدني والنفسي السليم لتعبث بمستقبله ، لكن بجميع الاحوال نحن أمام مأزق جمعي يتمثل بالتنمر والتطاول على مؤسسة وطنية عمرها من عمر الاردن ، وفى ضوء ذلك لا بد من وقف هذا الصخب اليومي ، والذى يعتبر خطيئة فى سداد تعليمنا ، وفى جميع الأحوال فإن كل من جد وجد ، ولنتذكر قول الحق تبارك وتعالى (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى).