خفض الأسعار أم رفع الدخول؟
د. فهد الفانك
13-01-2011 03:27 AM
هناك جدلية مستمرة بين تكاليف المعيشة ومستوى الدخل وخاصة الرواتب والأجور، والاتجاه العام معروف، وهو أن تكاليف المعيشة ترتفع عاماً بعد آخر، وكذلك الدخول، ولكن التوازن بينهما قد يختل أحياناً ويستوجب التصحيح.
مسـتوى الأسعار الآن يزيد في المتوسط بنسـبة 5 إلى 6% عما كان عليه في السنة السابقة، وهي نسـبة عالية، يعود جـزء منها لكونها منسـوبة إلى سـنة كان التضخم فيها سالباً والأسعار هابطـة بسبب الركود الاقتصادي في 2009.
التركيز السياسي عادة ينصب على الأسعار وليس على الدخول، مع أن جانباً كبيراً من الأسعار لا يخضع للسيطرة، كارتفاع الأسـعار العالمية للمحروقات والمواد الغذائية والأدوية، أما العناصر المحلية التي سجلت ارتفاعاً ملموساً فهي أسـعار المنتجين الزراعيين، وهم فئة تسـتحق الدعم ولا يجوز الضغط عليها لحساب المستهلكين في المدينة، خاصة وأن هؤلاء المستهلكين ينفقـون 800 مليون دينار سنوياً على المكالمات الهاتفية، وربع مليار دينار على شـراء الهواتف الخلوية، في حين يعيش المنتج الزراعي حياة شـاقة في الأغوار. أما المنتجات الصناعية المحلية فلم ترتفع أسـعارها.
مهما تدخلت الحكومة بقوة لحماية المواطنين من ارتفاع الأسعار (المقصود حماية المواطنين من بعضهم البعض)، فإنها لن تستطيع السـيطرة على أسـعار المحروقات وبالتالي أجـور النقل، ولا ترغب في تخفيض أرباح الشـركات التي تنتج السـلع والخدمات للسوق لأن ذلك يؤثر سـلباً على الاستثمارات، ولا تسـتطيع وقف الزيادة في إيجـارات المساكن والمكاتب التي قررها القانون، وهكذا.
الحكومة مكلفـة من جلالة الملك باتخاذ إجـراءات تحمي المواطنين من الغلاء، وعليها أن تتحرك ، ليس بإلغاء نظام السـوق الحر، أو العودة لتحديد الأسـعار، أو المبالغة في الدعم الاستهلاكي أو إحياء وزارة التموين التي كانت محمية من منافسة التجار وتبيع بأسعار تزيد عما كان ممكناً في السـوق بسبب سـوء الإدارة البيروقراطية.
الحكومة تستطيع الاستجابة للرغبة الملكية ليس فقط على حساب الموازنة العاجزة، بل أيضاً بالتأثير عل الجانب الآخر من المعادلة وهو الدخول بشكل رواتب وأجـور، عن طريق منح زيادات سـنوية سـخية في الرواتب في القطاعين العام والخاص، لا تقل عن معدل التضخم وارتفاع الرقـم القياسـي لتكاليف المعيشة.
(الرأي)