بوصلة القرار الاقتصادي .. في اتجاه الامن الاجتماعي
عاصم العابد
13-01-2011 01:14 AM
تظل مكارم الملك مرتجاة ومنتظرة، كلما مس الناس سوء او كرب، يتعلق بالقوت او بالصحة العامة او بالوقود اللازم للطهي او للتدفئة او للحركة. ودائما يتحقق الامل ويصدق الظن ولا يخيب الرجاء، وتأتي مكارم الملك وبركاته فتحط بردا وسلاما وبلسما على وجع الناس وفقرهم وحاجاتهم.
ومنذ ان تسلم الملك عرش آبائه واجداده، وهو العينان اليقظتان المتفرستان في شؤون الشعب، ومواطن شكواه وضيقه. فقد اجترح حفظه الله جملة من المبادرات شملت مختلف القطاعات كسكن الفقراء ومتابعة جيوب الفقر وشبكة الامان الاجتماعي والاعفاء من الرسوم المدرسية وغذاء وكساء وفيتامينات الطلبة وحوسبة المدارس والاسعار والاسكانات والتعليم والقطاعات الشعبية التي تعيش على الكفاف والعفاف والستر.
وشمل الملك برعايته المعلمين والعمال والاطفال والنساء والقوات المسلحة والاجهزة الامنية، مدافعا لا يكل ولا يمل عن دخلهم وخبزهم وكراماتهم يتحسس حاجات الاردنيين ويكافح من اجل ان لا يضار الناس وان لا يمس وحش الغلاء الاساسيات والضروريات التي يحتاجونها بعيدا عن سفسطة الارقام والرسوم البيانية لسعر هذه السلعة او تلك.
وقد قلنا سابقا ان ملكنا الحبيب نشأ في ثكنات الجنود وخنادق الوطن، وعاين عن كثب كامل وتفرس شديد أوضاعهم وأحوالهم، واستمع من اخوانه الجنود والضباط من أبناء الشمال والجنوب والوسط والأغوار والبادية والمخيم، في ليالي الخنادق والخفارات الى حكايا الاردنيين وظروفهم، الى امالهم واحلامهم، الى هواجسهم وقلقهم، الى تطلعاتهم في الوحدة والتحرير والغد الافضل والعيش الكريم، فحدب ملكنا الغالي على فقراء الاردن ومنحهم عنايته واهتمامه ومحبته التي هي اكثر محبة قبولا عند الله وأقربها اليه، فالفقراء هم عيال الله.
وقد احسنت الحكومة صنعا بسرعة تلبيتها لتوجيهات الملك واوامره بالتخفيف عن المواطنين ومراعاة ظروفهم واحوالهم وخاصة ذوي الدخل المحدود – او المهدود -، فجملة القرارات التي اتخذتها على وجه السرعة مساء الثلاثاء جاءت لتصوب البوصلة وتوجه القرار الاقتصادي الوجهة السليمة التي تراعي الامن الاقتصادي – الاجتماعي المترابط الذي لا يمكن فصله في مجتمع كالمجتمع الاردني يعاني من عدة ضغوط كالبطالة والفقر والمحل وشح الامطار.
والمرتجى الان ان تنهمك الحكومة في معاينة وتحليل اوضاع المناطق النائية الفقيرة والتعرف على حاجاتها والنواقص التي هي بامس الحاجة اليها من مشاريع وطرق وجسور ومدارس ومشاريع، والانتقال من مرحلة الاسعافات الاولية الضرورية، الى مرحلة برنامج تنمية عاجل وملح يشمل المناطق الفقيرة المعدمة، التي يعاني شبابها ويلات البطالة وتعاني اسرها ضغوطات الفقر والعوز.
معلوم ان الواردات شحيحة وان المتطلبات كبيرة، الامر الذي يستدعي ابداعا ومبادرات خلاقة وحلولا غير مسبوقة، لمعضلتي الفقر والبطالة اللتين ادخلتا الكثير من المجتمعات في مراحل مكروهة ذميمة، من تدمير الذات والممتلكات، وتحول اشكال الاحتجاج السلمي الى اشكال جنونية رعناء من الاحتجاجات، تخللتها اعمال تخريب واستغلال مندسين واثارة فتن واراقة دماء بريئة.
وبالتوازي مع جهود الملك وقرارات الحكومة المشكورة لا بد من وقفة جادة لمواجهة المحتكرين والمتلاعبين بالاسعار والنفر المحدود من التجارعديمي الضمير ومواجهة الفساد والفاسدين، ويسجل للحكومة الحالية عدم تسجيل اية قضية فساد في عهدها، ولكن يجدر ان نسجل ان الفساد وملفاته وعناوينه البارزة قد تم ترحيلها من حكومة الى الحكومة التي تليها دون جسارة او جرأة في احالة تلك الملفات الى القضاء العادل. فالناس تبتهج وترتاح وتتنفس بعمق عندما ترى الى الجدية والصرامة والحزم في تناول ملفات الفساد التي انتظر الناس – وما يزالون ينتظرون – ان يحرك احدهم مبضعه في اربطتها وان يزيل الغبار المتكاثف عنها.
وتعالوا الى كلمة سواء، فلا بد من مواجهة حازمة وتطبيق القانون بلا هوادة على ظاهرة انتشرت مؤخرا هي ظاهرة المشاجرات الجماعية وتهشيم الجامعات والمستشفيات والاسواق الاستهلاكية وسيارات الاسعاف ومحطات الامن العام وحرق مزارع الخصوم ومتاجرهم ومنازلهم وقطع الطرق وقتل الناس واللجوء الى اخذ الحق باليد واستخدام السلاح في المشاجرات بين الاهل في القرى والبوادي والمدن وزج الاهل والاقارب في عنعنات فردية وحالات عصابية.
و لا بد من الحذر الشديد من اندساس الغوغاء والمطلوبين للعدالة ومروجي المخدرات الى المسيرات السلمية القانونية من اجل ان لا يحولوا مشاعر الناس الوادعة الى شغب وتدمير، يطال اول ما يطال ممتلكاتنا العامة والخاصة.
Assem.alabed@gmail.com