" بني ارشيد " بين المراهقة السياسية والتعبير عن توجه ؟؟
ايمن خطاب
21-07-2007 03:00 AM
من وجهة نظر شخصية ، لا ارى في امين عام جبهة العمل الاسلامي زكي بني ارشيد ، وافعاله ، انعكاسا ذاتيا لشخصه ، فهو لم يات للصدام مع الحكومات ، بقدر ما جاء انتخابه ، ليعبر عن ازمة داخل الحركة الاسلامية ذاتها ، فاي عاقل سواء كان عقائديا متدينا او علمانيا او حتى فاجرا ، فهو حتما يعلم ان الامور السياسية يفترض ان تتسق مع منظومة محلية تاخذ بعين الاعتبار مصالح عليا للدولة ومواطنيها ، وان هذه المصالح محال حاضرا ان تسير بمعزل عن المنظومة العالمية ، وبموجب هذا العلم يخوض المعترك السياسي . في سياق الثورات وحركات التحرر ، والمعارضة لكل ما هو قائم ، حالة طبيعية ان ينشأ التشدد لدى هذه الحركات ، ايا كان نوعها سواء ثائرة على نظم حكم قائمة ، او مضطرة للعمل تحت مظلتها وفق منهجية شد الحبل ، او غيرها من وسائل ، من هنا نشأت لدى التيارات العقائدية والثورية التي غالبا ما توسم بالتشدد ، اذرع سياسية ، غايتها مسك العصا من النصف ، لاعتبارات متصلة بشؤون محلية ، واخرى اقليمية وثالثة دولية ، اذ لم تعد الحدود حكرا على اصحابها ، وباتت المنظومة العالمية اكثر تعقيدا في ظل دخول المصالح ، والتهافت على تلبيتها وتحقيقها .
وفي سياق الحركات اياها ، يتصدى الذراع السياسي لواجهة الاحداث ، ويسعى الى اثبات فعالية في ادارة الازمات والتعاطي معها ، وان كان هذا الذراع يقع بين تيارين احدهما متشدد وهو اصله وفصله ، واخر المناهض للتشدد بمعنى الحكومات ، وفق منظور مصالح الدولة والشعب ، ومدى الارتباط قسرا او طوعا في المنظومة العالمية تبعا لهذه المصالح .
باعتقادي ان الحركة الاسلامية الاردنية ، وبعد مد وجزرطاول علاقتها بالدولة الاردنية ، كان لابد من ذراع سياسي لها ، وجوده مرتبط بتشريع وضعي تنطوي تحت مظلته احزاب عدة بغض النظر عن عقائديتها او توجهها او برامجها ، ولا يضير وجود القواسم المشتركة بين بعضها في التلاقي ، كما هو حال المعارضة الاردنية ، وتجارب احزاب الوسط في الانضمام والاندماج ، والذراع السياسي لاي حركة لابد ان يكون الوسيط بينها كحركة ، لديها عناصر لا يستهان بحجمها وعددها من نواحي التشدد ، وبين الحكومات الاردنية المتعاقبة منذ تاسيس الحزب .
وتاريخيا ، لو لم يكن هذا الذراع السياسي موجودا على خارطة الحركة الاسلامية ، الا انه ضمنيا تواجد دوما من خلال عقلاء سعوا الى ترطيب الاجواء كلما تازمت المواقف ، سواء كانوا في ظاهر القيادة او باطنها ، الى ان نجح الحزب عقب التاسيس ، ومن خلال مشاركاته في البرلمان الاردني ، وحتى مجلس الملك - الاعيان - في ان يكون الاداة الشرعية لهذه الوساطة ، لولا الانقلاب الاخير على صعيد قيادته ، وهو وان كان انقلابا ديمقراطيا وشرعيا ، الا ان الامور في باطنها وظاهرها بدات تاخذ بالحركة الاسلامية منحى غير محبب ، وعواقبه لن تحظى برضى سواء داخلها او خارجها ، بمعنى لدى قطاعات الشعب الاردني كافة ، الذين لم يجدوا للان من يضفي نكهة على المسيرة الديمقراطية ، ويؤسس لامل بتجذيرها وتطورها اكثر من الاسلاميين .
لكن الانقلاب الذي نقر انه مشروع ، شكل ثورة على كل ما هو دارج ومتعارف عليه ، وباتت المعادلة منقلبة ، اذ اصبح التيار السياسي او الذراع هو الاكثر تشددا ، وبات مهددا على مايبدو لوجودها ليس على الساحة السياسية فحسب ، وانما على الصعيد الاجتماعي ايضا ، ما دام الغطاء والشعار " جمعية خيرية ".
يلوم البعض زكي بني ارشيد على الاخفاقات السياسية التي طالت الاسلاميين كافة في عهد توليه امانة الحزب ، ويذهب الى التعرض له شخصيا ، كما فعل الاخ ماجد الخضري في مقالته على عمون ، بوصفه " الرجل الاول في الحزب دون ان يكون مهيأ لذلك ، وانه يسعى الى التغطية على عدم كفاءته وقدرته في ادارة اكبر حزب ، بصنع الازمات مع الحكومة " وفي ذات المقال ايضا يقول الخضري ان بني ارشيد كان رئيسا لفرع الزرقاء ، وفي ذلك دحض لقصة الكفاءة والقدرة عليها ، بمعنى ان الرجل مهيأ وتدرج لما وصل اليه ، ووصوله انعكاس لتيار واسع داخل الحركة الاسلامية اراد له هذا التدرج ، وتولي الدفة السياسية !! فهو ليس مجرد موظف اسمنت ابيض او اخضر كما يشاع ، وقفز على الموقع بمظلة ؟؟
السياق التاريخي للجماعة منذ استعادة الحياة الديمقراطية ، وما تبعها من قانون الاحزاب وتشكيل الحزب كذراع سياسي " للجمعية " ، فيه اخفاقات عدة بدأت ببلدية اربد ، في بداية تسعينات القرن الماضي ، عندما خرج مرشح الحركة عن اجماعها انذاك ، ورضي مقعدا وزاريا في وقت كان قرار عدم المشاركة بالحكومات متخذ على صعيد قياداتها ، وتوالت الخروقات التي تصنف وفق مقتضيات القواعد بمصلحيات شخصية لا اكثر لدى عدد من الرموز ، والقريب من قواعد الجماعة او الحركة الاسلامية لابد له ان يلمس فجوة بين اصحاب القرار والقواعد ، بدليل ان الاشتراك في الانتخابات وان اجري الاقتراع عليه داخليا ، فهو محكوم بموافقة هيئات عليا في مجلس الشورى ، ترى في الامور مصلحة باختيار الخاسر لا الفائز بانتخابات داخلية ، وايا كانت المبررات حيال هكذا امر ، فهو يشكل ابسط قواعد الخرق الديمقراطي ، الذي يؤطر لوجود فجوة لا تعلم هذه القواعد مسبباتها ، او على الاقل غير مقتنعة بالحجج التي تساق لتبريرها .
خلاصة القول ، باستهلال وجهة نظر شخصية بدات ، وبوجهة نظر متسقة معها اختم ، فالمسالة وان صنفها البعض مراهقات سياسية لامين عام حزب ، الا انها باعتقادي ليست كذلك ، وهي اكبر من مناكفة لحكومة بقرار استعادة اسرى ، او منع مهرجان خطابي ، بقدر ما هي وضع الحركة الاسلامية في حرج ، لاعتبارات يفترض ان تبحث الحركة عنها في بيتها الداخلي ، قبل النظر الى الافق البعيد ، فالقصة ليست ايصال شخصية انتخابيا ، باطار عشائري الى منصب ، فنحن امام تنظيم عمره جاوز الخمسين عاما ، ويكاد الوحيد الذي انقلب على المفهوم العشائري في هذا الجانب ؟؟
ayman65jor@yahoo.com