توجيهات الملك .. تحذير لحكومة الـ 111
سلامه الدرعاوي
12-01-2011 05:00 AM
بعد ان بدأ المشهد الداخلي يزداد سخونة اثر الارتفاعات المتتالية على اسعار السلع والخدمات يتدخل جلالة الملك كعادته لضبط الامور واعادة الاعتبار للامن الاجتماعي للمواطنين الذين ارهقتهم سياسات التقشف وشد الاحزمة التي تتبعها الحكومات منذ سنوات, ويأمر وزارة الرفاعي صاحبة الـ 111 صوتا في جلسة الثقة الشهيرة بالعمل على ضبط فلتان الاسعار واتخاذ التدابير اللازمة لتحسين مستوى معيشة الاردنيين.
التوجيهات الملكية الاخيرة جاءت كتحد لحكومة الرفاعي من العبث بأمن المواطنين والمغالاة في اتخاذ الاجراءات التي لا تصب في مصلحة الامن المعيشي للمواطنين, والتركيز على الاجراءات الاستثنائية في هذا الظرف الاستثنائي لتوفير كافة البدائل في الاسواق كي تكون متاحة للمواطنين وبأفضل الاسعار.
تنفيذ تلك التوجيهات ليس بالمستحيل, فالحكومة تمتلك كل مقومات الحلول دون التأثير على عجز الموازنة كما يدعي البعض, وقد تحركت امس على ضوء الانتقادات الشعبية, وفعلا اتخذت جملة من القرارات كان من المفترض ان تكون اتخذت في السابق او انها قرئت من قبل المسؤولين اثناد اعدادهم للموازنة, فالحريص من قرأ المستقبل واتعظ بغيره.
الحكومة ما زال امامها الكثير لتقوم به لحماية الأمن الاجتماعي للاردنيين في هذه الظروف الاستثنائية فباستطاعتها الغاء الرسوم الجمركية عن السلع الرئيسية ذات الاستخدام الكبير من قبل المواطنين, جنبا الى جنب, العمل على تثبيت اسعار تلك السلع في المؤسسات الاستهلاكية مع توفير كميات كبيرة من تلك السلع في المحافظات التي تفتقر للمولات والمحلات الكبيرة الي تقدم العروض المتنوعة للسلع.
الحكومة تمتلك المقدرة على عدم مواصلة رفع اسعار المحروقات حتى لو استمرت اسعارها عالميا بالارتفاع, وذلك من خلال تخفيض نسب ضريبة المبيعات على البنزين التي تبلغ 18 و24 بالمئة على اوكتان 90 و95 على التوالي, او انها تثبت اسعارها في بعض الاحيان والتضحية ببعض الايرادات المحلية خاصة اذا ما علمنا ان ايرادات الخزينة من ضريبة الوقود قد تصل الى 200 مليون دينار سنويا, وعدم الاكتفاء بالغاء الضريبة الخاصة التي سيكون لنا حديث مفصل عنها في القريب العاجل.
الحكومة تستطيع ان تلجأ للتسعير اذا اقتضى الامر, خاصة على بعض السلع الحيوية كما تفعل الدول الاخرى, وتستطيع كذلك ان تؤسس لحوار مؤسسي استثنائي مع التجار لتحمل مسؤولياتهم الاجتماعية تجاه المواطنين في هذه الظروف الاستثنائية.
قد يقول البعض ان المقترحات السابقة ستفقد الخزينة بعض الملايين المقدرة في سنة 2011 . نقول صراحة ان الحكومة تعلم جيدا ان هناك تقديرات مبالغا فيها ببعض بنود الموازنة تستطيع الحكومة اعادة تصويبها وتحويل مخصصاتها الى شبكة الامان الاجتماعي.
الحكومة مطالبة باتخاذ قراراتها وموازنتها بين الامن الاجتماعي وبعض الامور المالية, خاصة ان هناك موجة استياء بدأت تظهر في الاوساط المختلفة, ويخشى البعض ان تستغل فئات لا تكن الولاء لهذا البلد للتلاعب بمشاعر ممن يرفضون سياسة رفع الدعم والعمل على اثارة المشاكل هنا او هناك, خاصة ان هناك موجات من العنف ضد ارتفاع الاسعار تشهدها دول اكثر ثراء من الاردن.
الظروف الاستثنائية التي يمر بها الاقتصاد الاردني هي نتيجة سياسات حكومية بحتة ليس للمواطن علاقة بتداعياتها السلبية, وبالتالي فان الاردنيين لا يتحملون مسؤولية العجز والمديونية, وهذا الامر يفرض على الحكومة التي فازت بثقة مجلس النواب بـ 111 صوتا ان تفوز بثقة المواطنين المثقلين بالاعباء, فالمطلوب تحرك استثنائي وكما قال جلالة الملك :" إن الظروف الاقتصادية الاستثنائية تستوجب خطوات عاجلة لمواجهة آثارها عبر إعادة ترتيب الأولويات وإيجاد المخصصات المالية اللازمة لتنفيذ إجراءات تحمي الطبقة الوسطى والأقل حظا وتمكنها من تلبية متطلبات الحياة الكريمة". اعتقد ان الرسالة واضحة جدا للحكومة وبخلاف ذلك ستكون المساءلة هذه المرة كبيرة.
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم