يحكى أنّ رجلا شاميا اشترى خروفا وأخذه إلى اللحام ليذبحه فطلب منه أن يقوم بقسمة الخروف إلى قسمين الأول "شقف" والثاني "كباب" ثم طلب منه أن يقوم بسلخ الرأس ليعمل منه طبخة فتة، و سلخ الجلد بعناية لعمل سجادة للصلاة، وأوصاه أن يعتني بالأمعاء لعمل "نقانق" منها، و تكسير العظام ووضعها في كيس منفصل لعمل طبخة تسمى "طباخ روحو" أما "الكرشة" فستكون طبخة يوم الجمعة أما "السقط" فطلب من اللحام وضعه في كيس آخر وطلب منه زيادة ما عنده في سلة المهملات من الشحوم "لأنها للقطّة"، أمّا السماد فهو بلا شك لتسميد نباتات الحديقة... في هذه اللحظة نظر الخروف المسكين إلى الرجل ثم إلى اللحام وقال له سجل صوتي ليكون رنّة لهاتفه الخلوي.
في سوريا وعند معظم شعوب الأرض تستغل الموارد إلى أبعد الحدود، وأنا رأيتهم عام 1988 حيث شاءت الظروف أن أكون في سوريا الحبيبة أيام ما يعرف لدينا الآن "بهبّة نيسان" سوريا كانت تعاني اقتصاديا وكان كل شيء لديهم رخيص، كانت سوريا تعاني من نقص المواد الأساسية مثل السكر و السمن وكنا نأخذ معنا سكر إلى سوريا (لنقص السكر هناك) ونعود إلى أهلنا بالحلويات مثل (المبرومة) لأنها أرخص من سعر البيع في الأردن، وأنا مثلكم لا زال يستعصي عليّ فهم مثل هذه المعادلة.
ربما أننا نملك كمواطنين "شطارة" الشوام لكن الموارد أمامنا تضيق لحد الاختناق، حتى البندورة التي اعتقدنا للحظات أنّها لن تخذلنا عند أوّل جرثومة "باقت بينا"، أنا ضد تسيير مظاهرات احتجاجية على رفع الأسعار وكأن الحكومة ممثلة بدولة سمير الرفاعي هي التي تستورد وتصدّر وتزرع وتقلع، أنا ضد الاحتجاج لأني بصدق لا أملك أي اقتراح إيجابي من شأنه تخفيض الأسعار، ولكن لا بأس من الاحتجاج والتظاهر لإيصال أفكار إيجابية من شأنها تخفيض الأسعار، بعيدا عن الإساءة والتجريح.
أرجو أن لا نصبح نحن المواطنين خروف الشامي ونكون بذلك المورد الوحيد لحكومتنا الرشيدة، ويمكن صوتنا يصبح "رنّة خلوي" لبعض المسئولين فيها.
qusainsour@yahoo.com