facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الهيدروجين مستقبل الطاقة في العالم


م. بسمه الشطي
16-07-2023 01:04 PM

في خضم سعي الدول نحو تحقيق أمن واستدامة موارد الطاقة لديها، ظهر وقود الهيدروجين كحل سلمي وآمن نوعا ما لمعظم تطبيقات الطاقة، خاصة بعد احتدام أزمة الطاقة في القارة الأوروبية نتيجة الصراع الروسي الأوكراني، كذلك ظهرت آليات تمويل وسياسات متعددة الأوجه لتنفيذ مشاريع مختلفة لتحقيق هذه الرؤيا، ترتكز أغلبها على استبدال الغاز الطبيعي والفحم بوقود الهيدروجين، وفي بعض الدول يخطط لاستخدام الهيدروجين كآلية تخزين لمصادر الطاقة الطبيعية والمتجددة لرفع اعتماديتها وديمومتها وتسريع التحول الطاقي، اضافة الى أنه يلعب دور فعال ورخيص مقارنة بحلول أخرى في تحقيق التزامات الدول نحو تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة. ورغم أن محتواه الحراري قد يعادل أربعة أضعاف الغاز الطبيعي تقريبا مما يقلل كلف النقل لنفس الحجم ولكن بظروف مختلفة مما يجعله خيارا مغريا لكثير من التطبيقات ولكن مازالت كلفة الهيدروجين تتعدى خمسة أضعاف الغاز الطبيعي وهو يعتبر التحدي الأكبر في تبني وقود الهيدروجين.
وحسب مقومات مصادر الدول من الطاقة المتجددة تتركز إمكانيات التوسع بالهيدروجين الأخضر في كلا من استراليا ومنطقة الشرق الأوسط وأمريكا الوسطى، وتأتي استراليا في مقدمة الدول المهتمة والساعية لتبني وقود الهيدروجين نظرا لوجود الأمكانيات لديها لتبني كلا من الهيدروجين الأخضر الذي يعتمد على مصادر الطاقة المتجددة المتذبذبة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لانتاج الهيدروجين وخاصة تبنيه كوسيلة تخزين للطاقة، والهيدروجين الأزرق الذي يستخدم تقنيات تعتمد على استخدام الغاز الطبيعي والفحم لانتاج الهيدروجين محليا، كذلك حقيقة أن طبيعتها الجغرافية وامتداد مساحاتها يفرض عليها ايجاد طرق مبتكرة ترتكز على لامركزية توليد وتوفير الطاقة، حيث عانت كثيرا في سبيل الحفاظ على شبكتها الكهربائية.
في أوروبا كان التوجه لتبني وقود الهيدروجين يقوده التزام الدول الأوربية بالحد من انبعاثات غازات الدفيئة، ولكن ظهور الأزمة الروسية الأوكرانية جعلها ترى وقود الهيدروجين كمخلص لها من تبعيتها للغاز الروسي بشكل أساسي وتحقيق أمن واستدامة مواردها من الطاقة. لذلك تم وضع استراتجيات بعيدة المدى لتبني الهيدروجين الأخضر مثل خطة تصنيع 10 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030 لخدمة قطاعات النقل والصناعة والتدفئة كأولوية كونها ذات الاستهلاك الأعلى لديها وقابلية التطبيق أجدى وتوفر جزء كبير من البنية التحتية اللازمة لانتاج ونقل الهيدروجين. كما نرى ألمانيا تقود مسيرة تبني وقود الهيدروجين في أوروبا نظرا لاعتمادها الكبير على الغاز الروسي وتأثرها بالصراع القائم أضافة لتبنيها سياسات التحول الطاقي حيث وضعت خطط لتبني الهيدروجين الازرق على المدى المتوسط والهيدروجين الأخضر على المدى البعيد ووضعت خطط لتطوير خطوط نقل الهيدروجين داخليا وخارجيا ومشاريع تحول صناعات الصلب والبتروكيماويات الى خالية من الكربون بالاعتماد على الهيدروجين كذلك خطط دعم الصناعات في التحول نحو الهيدروجين الأخضر، أضافة لاستغلال البنية التحتية المتوفرة لخدمة وقود الهيدروجين مثل خطوط نقل النفط والغاز الطبيعي واستخدام مصافي البترول لانتاج الهيدروجين. ولكن محدودية مصادرها من الطاقة المتجددة اللازمة لانتاج الهيدروجين الأخضر جعلتها تدخل في اتفاقيات متعددة الأطراف وعابرة للقارات مثل طرح مناقصات دولية لشراء الهيدروجين الأخضر وتوقيع اتفاقيات لانتاج وتطوير الهيدروجين الأخضر مع دول ذات موارد طاقة متجددة عالية بقارة أوروبا وكندا وافريقيا مثل المغرب العربي وكذلك مع الأمارات و السعودية، ولا ننسى أن العديد من الدول الأوروبية ترى لدول شمال أفريقيا دورا مهما لمستقبلهم في التحول نحو الهيدروجين الأخضر.
في منطقة الشرق الأوسط الغنية بمصادر النفط والغاز الطبيعي كذلك موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يوجد موارد مهمة لأنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر خاصة مع وجود بنية تحتية مهمة وذات خبرة طويلة مستخدمة لخدمات ونقل الغاز الطبيعي يمكن استغلالها في كلا النوعين سواء للاستهلاك المحلي أو للتصدير. ولا نستطيع أن نهمل فرص التنمية المتلازمة مع هذه المشاريع للمنطقة.
نرى عُمان من أوائل الدول في المنطقة التي سعت لتبني وقود الهيدروجين لأغراض الاستهلاك المحلي والتجارة حيث وضعت خططها لانتاج 1.25 مليون طن من الهيدروجين وبكلفة تقديرية 33 مليار دولار بحلول 2030 في مسعاها لحجز مقعد رئيسي في سوق الهيدروجين محليا ودوليا ومضاعفة هذه الأرقام للسنوات اللاحقة، وقد التزمت بالفعل بالعديد من الاتفاقيات لتنفيذ وتطوير المشاريع لتحقيق رؤيتها.
وتمتلك السعودية أفضل أمكانيات لتوليد الهيدروجين الأزرق والأخضر على حد سواء في منطقة الشرق الأوسط نظرا لحجم مواردها الهائلة من النفط والغاز الطبيعي وكذلك الطاقة الشمسية غير المستغلة والتي يمكن تسخيرها في توليد الهيدروجين الأخضر، وجاهزية البنية التحتية لديها، حيث تأتي السعودية والأمارات بالمقدمة في الاستثمار في مجال الهيدروجين على الصعيد المحلي ولغايات التصدير وكذلك في الاستثمار في المناطق ذات الأمكانيات العالية ومحدودة الموارد المالية، حيث يعتبر مشروع أرامكو بحجم 4 جيجاواط أكبر مشروع في العالم لأنتاج الهيدروجين وترتكز حاليا سياسات السعودية على التوسع بانتاج الهيدروجين الازرق لغايات التصدير، في حين ترتكز دولة الأمارات على خبرتها الطويلة في تمويل مشاريع الطاقة المتجددة في المنطقة والتي تساعدها كي تلعب دورا مهما في تسهيل تبنيها مشاريع وقود الهيدروجين الأخضر.
كما قامت مصر بتوقيع العديد من مذكرات التفاهم لتطوير الوقود الأخضر تصل الى 21 مذكرة تفاهم تحولت 9 منها لأتفاقيات مشاريع العديد منها بدأت بالتنفيذ، وفي مؤتمر المناخ 27 بلغت قيمة اتفاقيات الهيدروجين لصالح مصر 83 مليار دولار.
على الصعيد الوطني، يجب استغلال المقومات الطبيعية التي تعطي الأردن أفضلية عالمية في تبني انتاج الهيدروجين الأخضر وهي تتركز في استغلال مصادر الطاقة الشمسية كونها وصلت مرحلة ناضجة وأسعارها منافسة للوقود الأحفوري، أضافة لمصادر طاقة الرياح، كذلك يجدر الاشارة إلى إمكانية تصنيع الهيدروجين من مصادر الصخر الزيتي حيث مازال استغلال هذا المورد محدود ومساهماته في الاقتصاد الوطني غير متناسبة مع حجمه. حيث يوجد العديد من المشاريع القائمة التي يمكن استغلالها لتصنيع وقود الهيدروجين أو انشاء مشاريع جديدة لتسريع التحول الطاقي وزيادة اعتمادية الدولة على مصادرها المحلية وتقليل فاتورة الطاقة الوطنية.
وخطوة الحكومه الاردنية في تشكيل اللجنة الوطنية للهيدروجين الاخضر برئاسة معالي وزير الطاقة والثروة المعدنية لمتابعة إعداد الاستراتيجيَّة الوطنيَّة للهيدروجين الأخضر، ومتابعة إعداد التَّشريعات والدِّراسات النَّاظمة له، وتقييم الفرص الاستثماريَّة في هذا المجال وإقرار الإجراءات المتعلِّقة بها هي خطوة ايجابيه في الطريق الصحيح نحو تبني وقود الهيدروجين واستغلال المرحلة في هذا السباق، حيث أن هناك عاملان أساسيان في نجاح العملية سرعة انجاز المشاريع وكلفة الوقود، حيث يلعب الموقع الجغرافي عاملا أساسيا في تجارة وقود الهيدروجين لتأثيره الكبير على كلف النقل، وكذلك جاهزية البنية التحتية وخاصة خطوط النقل وهو ما تفتقر إليه الأردن مقارنة مع جاراتها صاحبة الباع الطويل في تجارة النفط والغاز.
يجب تزامن الاستثمار في تصنيع الهيدروجين مع الاستثمار في إنشاء وتطوير شبكات توزيع رئيسية و صغرى وتشريع تطبيقات الاستهلاك متعددة الأوجه خاصة في قطاع النقل والصناعات المختلفة ولا سيما المباني. تاتي أهمية التركيز على قطاع النقل لأنه القطاع الأعلى استهلاكا للطاقة محليا ويعد من الأعلى كلفة على مستوى العالم، في حين يعاني قطاع الصناعة من سوء تنافسيته سواء على مستوى السوق المحلي أو الأسواق الدولية من ناحية الكلف وتساهم الطاقة في الجزء الأكبر من قيمة المنتجات المحلي سواء في مرحلة التصنيع أو كلف سلاسل الامداد. ولا ننكر قنوات وفرص التمويل الأخضر المتوفرة في هذا المجال وخاصة لبلد مثل الأردن والتي يمكن استغلالها وتوجيهها بسهولة للانخراط في تمويل هذه الأنشطة.
كم أسلفنا سابقا، التحول نحو الوقود الأخضر يجلب مقومات للتنمية المحلية والمنطقة سواء من جهة جلب رأس المال الخارجي أو خلق فرص عمل جديدة وتشغيل العمالة المحلية أوتوطين التكنولوجيا أضافة لتحقيق الالتزامات الوطنية بخفض ابنعاثات الكربون وتحقيق نمو اقتصادي وتحقيق أمن مجتمعي نتيجة ذلك، وهو ما يعين تنمية حقيقية ومستدامة.






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :