انسان حَقَّقَ معنى العَيْش..
أهلا وسهلا أصدقائي في كل مكان …..
موضوع جديد من وسط المارة والأرفف المزدحمة في الأفكار والتجارب كان لابد أن يكون لكم حضورا ولو بدقائق إذا فلنبدأ..
باعتقادي ان واحدة من الأخطاء التي إرتكبناها في وقت مبكر أننا عندما سُئلنا عن الهوايات عددنا الرسم وجمع الطوابع والطبخ وصنفنا القراءة كواحدة منها، بهذا التصنيف نكون قد اخرجنا بشكل غير مباشر أو ربما مباشر القراءة من قائمة الضروريات، ومنحنا انفسنا المبرر للابتعاد عنها بحجة الميولات النفسية التي لا سلطة لنا عليها..
المانشيت او الكلاشيه المعروف أن القراءة تمنحنى فرصة الاطلاع على اكثر من عقل واحد في الحياة، وأن أفلام الخيال العلمي عندما كانت تتحدث عن آلة الزمن كانت تقصد الكتاب اذ به ترتحل عبر الأزمان الماضي والمستقبل، وتتجول عبر الأماكن من مكانك بإنجاز السطور وطي الصفحات، ولكن باعتقادي أن أعظم ما يقدمه لي أي كتاب انه يحميني كإنسان من أن ابدأ من الصفر في كل مرة، إن لم تكن علاقة صداقة.
وبعيدا عن وصف الملجأ والملاذ وادمان رائحة الورق وضرورة حضور كوب القهوة والقراءة على كرسي الخيزران لا بأس أن تكون نظرتك للقراءة والكتب بكامل النفعية وتحت تصنيف متطلبات المرحلة، للعمل أو للتطور المهني أو استعداد لمرحلة جديدة .. زواج أو تربية أبناء أو لفهم الحياة وصنع تجربة كاملة تستطيع بعدها أن تقول انك قد عشت بحقيقة ..
القراءة هي اعتراف الإنسان بتراكمية المعرفة، هي اعتراف باتساع ما يجب إدراكه و محدودية عمر المدرك وفرصته، هي الحد الأدنى من التجربة، وبلغة اليوم هي التخفيضات والعرض الخاص لنيل اكبر قدر من معاني الحياة .
أحيانا.. تنصفك الأيام وتمنحك الحياة نصيبا وافرا من الحظ فيكون من ضمن قائمة معارفك القصيرة.. وداخل دائرتك الصغيرة أشخاص الحديث معهم بمثابة قراءة صفحات دسمة من كتاب دون أن ينقص ذلك شيئا من عفوية الحديث أو متعة المجالسة، بعيدا عن دوامة الاقتباسات التي لا تنتهي، والحرص على استخدام المعقد والغريب من المصطلحات كبرهان ثقافة واطلاع ..
تكون المحادثات معهم سهلة ووافرة المعاني والقيم في موضوع عفوي عَرَض دون مقدمات، يبدأ في كشف الزوايا الخفية لما حسبته احادي الوجه بعيدا عن المعلومات المجردة ،يستثمر معرفته في الجغرافيا في استنتاج وتحليلاته وآراءه العابرة، يتسلل التاريخ عبر اسشهاداته وقصصه المشوقة، نكاته لا تخلوا من الفلسفات وردوده شيء من شِعر وأغنيات خالدة، ليس من الضروري أن يكون هذا الإنسان الكتاب قارئاً او مثقفا واسع الاطلاع، ولكن يكفي فقط أن يكون إنسان حقق معنى العيش، يمكن أن يكون صديق معالم خطاه على شتى الدروب او استاذ كثير الاستشهاد والحكايات، او جدة شهدت على التاريخ، أو جد لم يبقَ في ذاكرته مكان خالٍ من نقش الذكريات يقارن بين اليوم والأمس ويحكي عن تجارب الصبا وأيام الشباب ..
الجانب الخطير في موضوع اليوم ان موضوع القراءة والكتب لم يسلم من الكليشيهات والاقتباسات المتكررة والصور النمطية المعممة، فيغدو من الصعب التحدث عن جانب جديد عنهما، ولكن بإصراري على الحديث عن الكتابة أقول : الأهم من التقاط السلفي -برأيي- أن تكتب مذكراتك باعتبار أن الصورة توثيق للحظة والكتابة توثيق للشعور، نحن لا نحتاج لاستعادة المشهد بقدر احتياجنا لاستعادة الشعور، اما تلذذنا به ان كان جميلا أو تلذذنا بشعور عبوره إن كان مُرا ..
تدوين مذكراتك أو الكتابة عن البارز فيها على الاقل يخبرك كيف انك قد تطورت مع الأيام كيف تبدلت الأفكار و القناعات وكيف مرَّ ما ظننته مقيم وتغير ما حسبته دائماً، فتخوض مقبل ما لديك من عمر وانت اكثر ثقة في النجاح، تسمي الأشياء بأسمائها فلا تغدو المشكلات كوارث ولا العقبات مصير محتوم ..
ثم أن ذات المذكرات تعلمك ألا تستحقر شيئا أبدا .. تعجب .. اندهش .. تساءل، لكن لا تستحقر شيئا، فربما تجد ان ما دونته مُنَظِّراً قبل مدة هو ما أنت متورط فيه الآن،فهي الأيام تدور على الجميع ..
باعتقادي ان من انواع الاحتفاء بنفسك أن تمتلك دفتر توثق فيه لرحلتك العجيبة مع الأيام، على الاقل ستمنحك قرائته ضحكة صادقة بعد سنوات ..
وصل موضوعنا اليوم الى نهايته، شاركوا الموضوع مع من تظنون انه سيروق له من الأصدقاء، اسعد بتلقي تعليقاتكم على الفيس بوك وعلى Twitter وفي كل مكان نلتقي مجددا فيما تلهمونني به .