أعلن الجميع ضرورة التأهب لظروف جوية لاهبة، اجتمعوا وأصدروا النشرات الإرشادية، تهيب وتنذر وتحذر وتدعوا الجميع للبقاء بعيدا عن شمس موجة حر قادمة، إبقوا في البيوت البسوا القبعات الفارهة، اشربوا الماء المثلج، ضعوا مركباتكم في “كراج”، وإن لم يكن هناك داع فلا تخرجوا !!!!
إلا “العسكري”! واقصد كل من يحمل الشعار، فهم مهما اختلفت رتبهم “جنود” وطن، نرفعهم فوق رؤوسنا، ينتشرون هنا وهناك، جندي وضابط تراه وسط الصحراء في برج مراقبة، جبينه لا يتوقف تعرقا، تعلوه سمرة بشرة أحدثتها شمس حارقة، عينه وفكره لا يعنيهما “تنبؤات” راصد جوي، طيار مقاتل أو دفاع جوي تراه قد يلبس نظارة شمسية راقية، لكن هي ليست أكثر من وسيلة كي لا ترمش عينيه عن الهدف والحماية، مرتب دفاع مدني خرج يلبس زيا من طبقات خانقة، يجتاز نيران حامية لم يعنيه تنبيه من موجة الحر، يحمل من حاصرته النيران دون تراجع، رقيب سير يغضبنا بمخالفة أو مرتب دوريات خارجية بامتداد طريق صحراوي نظن أنه يزعجنا، كان يقف لساعات تحت الشمس وسط تلك الموجة الحارة، هدفه سلامة راكب ومركبة، ونحن خلف زجاج مظلل كامل، ومكيف نشط بارد “نتنمر”، ومنا من يقول “شكلك ما بتعرف مين أنا؟”، جند بلباس مدني يتابعون ويترقبون ويرصدون حماية لوطن ما يضمن أن تكون أنت وغيرك في أمن وأمان، لم يجلسوا حتى تنتهي موجة الحر، وهناك دركي يقف مترقبا سلامة منشأة وفعالية مفتوحة لساعات طويلة، يمنع تعديا وينظم صفوفا، لم يتمكن من شربة ماء حتى ينهي واجبه وسط هذا الحر الشديد، وغيرهم الكثير من جميع تصنيفات ومرتبات “عسكر” الوطن وحماته، حماهم الله كانوا كذلك أو أكثر فهم مختلفون.
نعم فالعسكر مختلفون، لا يبقون أبدا في “الظل” كفئة كثيرة دونهم، فالبقاء في “الظل” أمرا ليس من صفات العسكر، فهم ليسوا كبعض كثير من غيرهم ممن يروا الوقوف في “الظل” وسيلتهم لحماية أنفسهم مما هو أبعد من موجة حر، فالبقاء في “الظل” واقع يعيشه فقط من ينظرون علينا في كل مجلس ومنصب ليبقوا محميين من شمس العمل والكلمة الصادقة، البقاء في “الظل” سياسة من لم يتجاوز دورهم أن يكتب تعزية أو يهنئ عريسا بدل من أن يراقب ويشرع، البقاء في “الظل” مهنة من سنراهم قريبا يتحدثون ويشاركون لقرب موعد اختيارهم ليكونوا من جديد في “الظل”، ولكن “الظل” لهم لا يدوم فهم ليسوا عسكر من جنود الوطن حملة الشعار. فلينجنا الله من الباحثين عن “الظل” ليسلموا ونعرق نحن.
سيدي عطوفة رئيس الأركان، سيدي عطوفة مدير وقائد كل “عسكري” حامل للشعار في وطني، جيش ومخابرات وأمن عام ودفاع مدني ودرك وحرس حدود وسلاح جو وكل تصنيف وفئة منكم يا كبار، آمل أن تنقلوا امتناننا وتقديرنا وحبنا للعسكر جنود الوطن في كل موقع، وأن تنقلوا دعوات أمهات العسكر بالسلامة لأبنائهم فخرا بما يبذلون، وأن تخبروهم أن وطنا أول جنوده ملك لا يعنيه شيئا غير تراب الوطن وشعبه، وأن الحر والمطر والصيف والشتاء ليست سوى فصول هم تجاوزوها، فنذروا أنفسهم وباتوا لا يعنيهم غير واجب عسكري اتجاه الوطن، وقولوا لهم بكم نرفع الهامات ونعيش بالأمان نترقب المستقبل المشرق، قولوا لهم لسان حال الجميع يدعوا ويقولوا حماكم الله .
(الغد)