يوم الجمعة الماضي أعلن عن ولادة حزب أردني جديد، وما تزال الحيوية الحزبية تتفاعل من يوم إلى يوم، والوقت يمر سريعا نحو موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة حيث أعطى قانون الانتخاب الجديد واحدا وأربعين مقعدا للقوائم الحزبية الأمر الذي وضع الأحزاب أمام تحديات حقيقية، أهمها وزن تلك المقاعد لا عددها!
الوقت يمضي سريعا دون شك، والأحزاب تنمو في مرحلة التكوين، والنقاش يزداد جدية حول كيفية تحديد معايير اختيار أعضاء القائمة الحزبية، إلى جانب الجهود المضنية التي يبذلها الحزبيون من أجل ترتيب علاقاتهم ومهامهم الحزبية، فضلا عن التحدي الأكبر المتمثل في صياغة الاستراتيجيات والخطط التنفيذية والبرامج التي يفترض أن تحاكي جميع قطاعات الدولة، ومصالحها العليا الداخلية والخارجية بحيث يشكل البرنامج في حد ذاته رؤية كل حزب لعمليات الإصلاح والنهوض الشامل، وإحداث التغيير الذي يعالج الأزمات والمشكلات والاختلالات، ويرسم خارطة الطريق إلى المستقبل القريب.
تلك الاستحقاقات الراهنة تجعل الوقت ثمينا جدا، وتفرض على الأحزاب تجاوز الشكليات وتحديد الأولويات من خلال التوافق بين الأعضاء، وخاصة أولئك الذين يعملون من خلال اللجان الحزبية، فضلا عن التنسيق والتعاون الجدي بين مجالس الحزب وأمانته العامة، وكذلك مع فروع الحزب في جميع محافظات ومدن المملكة، فالمسؤولية مشتركة بين الجميع بغض النظر عن مواقعهم الحزبية!
إشارتي في بداية المقال إلى ولادة حزب جديد تقودني إلى الحديث الدائر حول تشابه أدبيات الأحزاب البرامجية الجديدة، والفكرة السائدة عن التشابه يمكن النظر إليها من زوايا عديدة، واحدة منها ترينا التشابه منطقيا عندما تتراجع الأدبيات الأيدولوجية أمام مفهوم المنهج البرامجي كإطار يضبط العلاقة بين العنوان (حزب برامجي وطني) وبين الرسالة والرؤية والغايات والأهداف التي تأسس الحزب من أجلها.
أما من زاوية أخرى فإن الحزب البرامجي معني بالاعتماد على مرجعيات واضحة وأولويات وتوجهات محددة، ومبادئ وقيم جوهرية راسخة، وحين يحدد غاياته يصبح حكما أمام تسمية القطاعات التي سيعمل على معالجة مشكلاتها، ويسعى لتحديثها وتطويرها، مثل مؤسسات القطاع العام، وقطاعات الصحة والرعاية الاجتماعية والتعليم والصناعة والزراعة والتجارة والطاقة والسياحة والثقافة والمرأة والشباب، وكل ما يتصل بها حقائق ومعلومات وبيانات ومخرجات.
التشابه في هذه الحالة لا يعني نسخا مكررة من الأحزاب، وإنما تشابه في التوجهات العامة مع اختلاف الرؤى والأفكار والأساليب والخبرات التي يستطيع كل حزب توظيفها لتحقيق تلك الغايات المحددة والواضحة للجميع، ومن هذه الزاوية الواقعية أكرر وأقول إن الوقت أمامنا سريع لكنه فضلا عن ذلك ثمين!