صحيح أن الحكومة مطالبة باستمرار في حماية الفقراء ومحدودي الدخل من شظايا أنظمة السوق الحر , وأن عليها أن تضع آلية لتحقيق هذه الأهداف , فالضغوط الشفوية لا تحقق دائما المراد.
وحتى لا يفهم مما سبق أن المطلوب العودة بالسوق إلى المحددات السعرية , ينبغي الإشارة هنا الى أن السوق الحر كما أن له مخالب , فله كذلك أصابع ناعمة , وهي التي تتمثل في القوانين والإجراءات التي تكفل تحقيق التوازن , وتحد من المغالاة والإستغلال.
لكن على الحكومة توفير بيئة ملائمة لتحقيق التوازن بين العرض والطلب , بمعنى أنها تجمع أطراف صناعة القرارات المؤثر في اتجاهات العرض والطلب والمساعدة على تحقيق التوازن بشكل مسبق وهو ما يحدث لكن حدوثه لا يزال موسميا , بمعنى أن التحرك غالبا ما يرافق وقوع الخلل ولا يستبقه.
بعض الأصوات لاحظت في إرتفاع أسعار النفط سببا قويا لإرتفاع أسعار السلع وهو سبب وجيه بلا شك , لكنه ليس العامل الأقوى في قائمة الأسباب التي كما أدت في وقت سابق الى التراجعات الكبيرة في الأسعار تقود اليوم رحلة إرتفاعها.
الربط بين إرتفاع أسعار النفط وأسعار السلع صحيح لكن الأسواق ترتبط بعوامل أخرى , النفط ما هو الا واحد من هذه الأسباب التي يتصدرها الكساد الذي يصيب حركتها والعكس صحيح , وعودة التوازن إلى السوق تحتاج إلى استمرار التوازن بين العرض والطلب وهو ما لا يتأتى الا من خلال استراتيجيات لا تضع القرار تحت ضغوط الأزمات فالاقتصاد لا يعرف ما يحلو للبعض وصفه بالجشع ، فالتجارة تقوم على مبدأ العرض والطلب ومحركه الأسعار فكلما كانت مناسبة كلما كان تصريفها أسرع وربحيتها أفضل والعكس هو الصحيح والتاجر الحصيف هو الذي يحرص على البيع بسعر منافس يضمن استمرار تجارته.
في الأردن تنوع جيد للأسواق , وهناك منافسة حقيقية , تميز الحركة التجارية وهي تلك التي نراها في المولات الكبيرة التي توفر عروضا منافسة وفي أسواق المؤسستين الإستهلاكيتين المدنية والعسكرية , وفي الأسواق الموازية , وما على جهات الإدارة والتنظيم والرقابة سوى تشجيعها بتوفير بيئة تضمن إستمرارها .
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي