مؤتمر اليونسكو للدراية الإعلامية والمعلوماتية في عمان "٢"
السفير الدكتور موفق العجلوني
13-07-2023 12:34 PM
أشرت في مقالي السابق والمنشور في عمون الغراء بتاريخ ١١/٧/٢٠٢٣ ، سوف تستضيف المملكة الأردنية الهاشمية مؤتمر "الأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية وأجندة الشباب" خلال الفترة من ٢٤-٣٠ من شهر تشرين الأول المقبل وبتنظيم من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) و بالشراكة مع وزارة الاتصال الحكومي. حيث تم تفوّيض معالي وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد فيصل الشبول، بإتمام إجراءات اتفاقية المؤتمر بين اليونسكو والحكومة الأردنية، والسير بإجراءات تشكيل فرق الخبراء واللجان الفنية والإدارية.
وستبدأ عملية التحضير للمؤتمر بالتعاون مع الوزارات والمؤسسات المعنية ومنظمة اليونسكو، حيث سيشارك فيها ما يزيد على ٨٠٠ مشارك من مختلف دول العالم، من شخصيات إعلامية وخبراء بالإعلام الحديث، وخبراء بالدّراية الإعلامية، ومختصين بالموضوعات التي يتناولها المؤتمر خلال جلساته.
ويحمل المؤتمر مضامين خاصة بالدّراية الإعلامية وأجندة شبابية، وخاصة ان للأردن تجربة رائدة على مستوى عربي في الجانب المتعلق بالتربية الإعلامية، والتي ستتضمنها بعض المواد الدراسية وهذه التجربة مميزة سيتم الحديث عنها خلال المؤتمر، كما ان الأردن يملك تجربة هامة على مستوى التعليم العالي فيما يخص الدّراية الإعلامية والتربية الإعلامية من خلال ما يقوم به معهد الإعلام الأردني. إضافة إلى المشاركات عبر تقنية الاتصال المرئي (عن بعد). وهذه فرصة هامة للأردن لاطلاع دول العالم على التجربة الأردنية الرائدة في مجال الدراية الإعلامية والتربية الإعلامية والمعلوماتية.
هذا وقد جرت العادة ان تنظم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) الأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية وأجندة الشباب سنوياً. ويعتبر هذا الأسبوع فرصة مهمّة للأطراف الفاعلة في التربية الإعلامية والمعلوماتية على الصعيد العالمي لتبادل آخر الخبرات والأفكار والأبحاث والمشاريع الرائدة والمعلومات الجديدة بحضور وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة والرقميّة العالمية.
ولكن ما هو تعريف الدراية الإعلامية :" (MIL) Media and Information Literacy " و المعلوماتية ؟..
"إنّ عقول بني البشر بحاجة إلى الحصول على المعلومات كي تعمل على أكمل وجه. وتتسم جودة المعلومات التي تصل إلينا بأهميّة كبيرة كونها تسهم إسهاماً كبيراً في فهمنا لما يجري من حولنا، فضلاً عن دورها في صقل معتقداتنا وتحديد مواقفنا. ويمكن أن نحصل على هذه المعلومات من أشخاص آخرين، أو من وسائل الإعلام، او وسائل التواصل الاجتماعي، او محركات البحث، أو المكتبات، أو الأرشيفات، أو المتاحف، أو دور النشر، وغيرها من مقدمي المعلومات بما في ذلك الأطراف الفاعلة عبر الإنترنت."
بنفس الوقت ما هو الغرض من : "( MIL) Media and Information Literacy " الدراية الإعلامية والمعلوماتية؟..
يكمن الغرض من الدراية الإعلامية والمعلوماتية في تمكين مستخدمي التقنية من خلال التعلّم المستمر واكتساب المعرفة حول وظائف وسائل الإعلام؛ وآليات إنشاء المحتوى وتوزيعه؛ وتأثيرات وسائل الإعلام؛ وحقوق الأشخاص في المعلومات والتعبير؛ ومسؤوليات أولئك الذين يستخدمون وسائل الإعلام ويتوسطون فيها ويتحكمون فيها؛ والتصميم الأخلاقي واستخدام التقنيات الجديدة والناشئة.
ومن المهم بشكل خاص أن يفهم الناس دور أنظمة الذكاء الاصطناعي التي سيتفاعلون معها وأن هناك اعتبارات وتوقعات أخلاقية تحيط باستخدام هذه الأنظمة. يجب أن يكونوا متيقظين لإمكانية التلاعب بوسائل الإعلام وعلامات اختراق الشبكات الإرهابية أو الإجرامية لوسائل التواصل الاجتماعي. يجب أن يكون مستهلكو المحتوى الرقمي أيضاً قادرين على تحديد المخاطر والاستجابة لها مثل التنمّر السيبراني والانتقام باستخدام المواد الإباحية وإدمان الإنترنت وغير ذلك من مشكلات استخدام الإنترنت.
ولتعزيز الدراية الإعلامية والمعلوماتية، يجب على المنظمين وواضعي السياسات العمل مع منشئي المحتوى والمجتمع المدني ومشغلي المنصات والشبكات لتشجيع تطوير التدقيق في المعلومات بشكل أسرع وأكثر موثوقية ومعايير أعلى وأكثر موثوقية في الصحافة والترويج الخاص لبرامج الدراية الإعلامية والمعلوماتية التي تركز على الشباب الساخط للمساعدة في منع التطرف والتجنيد من قبل المنظمات الإجرامية والإرهابية.
وبالتالي يجب أن يكون الانتقال إلى مجتمع واقتصاد رقميين مصحوباً بثورة في الدراية الإعلامية والمعلوماتية.
من هنا، يمثل الأسبوع العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية لهذا العام عنصرا هادفا وحاسما في التشديد على ضرورة تعزيز مكانة الدراية الإعلامية والمعلوماتية في خطة التنمية الدولية، والتعجيل بوتيرة هذا الأمر. وسيهدف هذا الأسبوع إلى حفز إدماج الأنشطة المتعلقة بالدراية الإعلامية والمعلوماتية في التقويم العالمي السنوي من خلال مشاركة أعداد من كافة القطاعات. كما يرمي كذلك إلى تمهيد السبيل إلى تحقيق نمو هائل في السنوات المقبلة فيما يتعلق بالاحتفال به، بفضل تحقيق انتشار جغرافي وإقامة عدد من الأنشطة لم يسبق لهم مثيل خلال عام ٢٠٢٣. بيد أن كل ذلك لا يُغني عن ضرورة السعي إلى تضافر جهودنا.
لان أن المدرسة والجامعة هما نواة التربية، ولابد من تدريب المعلمين ليتمكنوا من نشر قواعد المعرفة والثقافة الإعلامية والمعلوماتية، التي نحتاجها كثيرا في ظل الانفتاح على مصادر المعلومات في شبكة الإنترنت، وسرعة تدفقها، وغياب القيود التي تنظمها، وهذا يتطلب توعية مجتمعية تقود إلى تعزيز المعايير الأخلاقية في عملية النشر، لاسيما عبر وسائل الإعلام الحديثة. وهذا يقودنا إلى تنشئة جيل قادر على تمييز المعلومات، والتحري عن الحقائق، بحيث يكون محصنا ضد عمليات الاحتيال والمعلومات المضللة. لأننا بحاجة الى إعداد نخبة من المعلمين مسلحين بالعلم والمعرفة وبمهارات وأدوات التربية الإعلامية والمعلوماتية، من اجل ايصالها ونقلها ونشر ثقافتها لطلبة المدارس والجامعات، لتتوافق أهداف التربية مع مخرجات التعليم بتحصين جيل من الشباب قادر على مجابهة المعلومة الخاطئة ودحضها بالأسس والأساليب العلمية. لان إرساء المعايير الأخلاقية والإبداعية للمهنة، ونشر مفاهيم ومهارات التعامل الإيجابي مع وسائل الإعلام والإعلام الرقمي والحد من أضرارها، هو أبرز شعارات معهد الإعلام الأردني الذي يعد صرحا علميا وإعلاميا من خلال وسائل حديثة تميزه.
وإيماناً من المملكة الأردنية الهاشمية، بفرص التعليم الكاملة والمتساوية للجميع، والسعي غير المقيد للحقيقة الموضوعية، والتبادل الحر للأفكار والمعرفة، انضمت إلى اليونسكو في 1950/6/14، من أجل النهوض بأهداف السلام الدولي والرفاه المشترك للبشرية، من خلال العلاقات التعليمية والعلمية والثقافية مع شعوب العالم.
وفي هذا السياق اختم حديثي لمطلع قصيدة الامام ابن القيم الجوزية رحمه الله والتي تقول: " ان كنت تدري فتلك مصيبة، وان كنت لا تدري فالمصيبة أعظم."
وللحديث بقية في الحلقة القادمة ان شاء الله .
السفير الدكتور موفق العجلوني
المدير العام /مركز فرح الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية
muwaffaq@ajlouni.me