قبل أسابيع تحدث الملك عن الانتخابات النيابية القادمة بأنه سيتم العمل لتكون انتخابات إيجابية وفي أفضل الصور داعيا الأحزاب الى العمل والاقتراب من الناس أي تعريف الناس بالمرحلة القادمة وأيضا بنفسها باعتبارها جزءا من الأحزاب حديث عهد.
وحديث الملك المبكر ليس لتحديد موعد بل ليرسل إشارة لقوى المجتمع السياسية والاجتماعية والجهات الرسمية لتبدأ العمل لتحقيق الهدف وهو انتخابات مختلفة تترك صورة وأثرا إيجابيا لدى الأردنيين.
التفاصيل كثيرة لكن المهمة الأصعب هي إقناع الأردني بالذهاب الى صندوق الاقتراع وهي مهمة تواجه عقبات أولها مانص عليه القانون الجديد من حرمان الناخب في التصويت في البلد الأصل كما كان سابقا، وهي خطوة تشريعية غير مبررة إلا لأسباب سياسية لكنها ستصنع مبالاة عند جزء ممن تم حرمانهم من هذا الحق الذي كان منذ تأسيس الدولة الأردنية.
لكن العقبات الأخرى هي قناعات الناس بالعمل البرلماني وجدواه في ظل الصورة غير الإيجابية للعمل النيابي، ومواسم الانتخابات الأخيرة لمجلس النواب والبلديات والحكم المحلي أظهرت أرقاما تبعث على القلق.
لكن دخولنا في الانتخابات القادمة مرحلة تطبيق رؤية الملك الإصلاحية في المجال السياسي تحتاج الى تصنع كل الأطراف أجواء تقنع الأردني بالتصويت، فمشروع التحديث الملكي مهم ويهدف الى تغيير أسس بناء المؤسسات الدستورية من نواب وحكومة لتكون من خلال خيارات الناس والصندوق، وهو تطور كبير كان جزءا من مطالبات قوى سياسية وشعبية في فترات الحراك، فالمشروع مع أول مراحل التطبيق يحتاج الى توفير فرص النجاح عبر تحقيق مشاركة شعبية معقولة لا تقل عن 40 % ليكون المشروع معبرا سياسيا، ويحتاج المشروع الى أن يقف الجميع لتحقيق نجاحه وتحويله على أرض الواقع ليكون هو مسار الدولة في المراحل القادمة.
الجميع مطالب بأداء ما عليه، لكن صعوبة الأمر أنه مرتبط بقناعات الأردنيين ولايتم حله بإجراء إداري بل يحتاج الى ماكينة وطنية مقنعة وذات مصداقية وعمل مهني، وليس عبر وسائل لتأدية الواجب شكليا عبر يافطات قماش أو لوحات لايراها أحد على أعمدة الكهرباء لا يستفيد منها إلا شركات الإعلانات.
نتحدث اليوم عن هذه المهمة الصعبة لأنها صعبة جدا واذا كانت إدارة هذا الملف ستتم كما رأينا في المواسم الانتخابية الأخيرة من حيث التوجه للناس وحثهم بل تحريضهم إيجابيا للمشاركة حيث يظهر القماش ويغيب المسؤولون عن مواجهة قناعات الناس فالنتائج ستكون سلبية وسنظلم رؤية الملك التي تستحق الوقوف خلفها بكل صدق وليس بإجراءات شكلية، فمن الناحية الدستورية ليس هناك نسبة مطلوبة للمشاركة لكن من الناحية السياسية ومع أول خطوة في تطبيق مشروع التحديث فإن الأمر لن يكون مقبولا.
(الغد)