البيوت .. جرائم إسرائيلية علـى بقـاء المقـدسـييـن
نيفين عبد الهادي
13-07-2023 12:55 AM
بيوت الشعب الفلسطيني، وتحديدا المقدسيين منهم، ليست مجرّد بناء جاء بعد جهد وتعب وإن كان هذا الجانب غاية في الأهمية، إنما هي رمز نضال ومقاومة وتاريخ، هي تأكيد للحضور العربي الفلسطيني في فلسطين والقدس، هي شواهد على أن لهذه الأرض شعبا وتاريخا بأن لهذه الأرض أصحابا حقيقيين، هي حقّ مجسّد بأبنية عريقة تجذّرت في تراب فلسطين.
وفي استهداف الاحتلال الإسرائيلي لهذه البيوت تحديدا المحيطة في منطقة المسجد الأقصى، وتمكين المستوطنين من الاستيلاء على هذه البيوت بحماية شرطة الاحتلال، هو استهداف لتاريخ ولحقوق وانتزاع لشواهد وأدلّة بأن على هذه الأرض حقوق فلسطينية عربية، هي ليست خطة للاستيلاء على بيوت الفلسطينيين والمقدسين على وجه الخصوص، إنما هي حرب يشنّها الاحتلال على القدس لتفريغها من مواطنيها.
الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتفريغ المواطنين من مدينة القدس ليصل عدد السكان العرب الى أقل من 10% خلال الـ«25» عاما القادمة، حيث يسعى الاحتلال لتقليل نسبة السكان الأصليين في القدس ضمن خطة إسرائيل 2050، بحيث تصل السياحة في مدينة القدس إلى أكثر من 12 مليون نسمة، سيما وأنه في الوقت الحالي بلغت نسبة السكان الأصليين العرب في مدينة القدس المحتلة أقل من 32 % فقط، وفي ذلك تهديد خطير لعروبة المدينة وسير نحو التغيير المكاني والزماني للمدينة وهو ما تسعى لتنفيذه إسرائيل وجعله واقعا معاشا .
أمس الأول، تم تهجير عائلة صب لبن من بيتها وإحلال المستوطنين مكانهم في مدينة القدس المحتلة، وبطبيعة الحال ليس هذا هو البيت الأول، كما لن يكون الأخير، إذا بقيت عيون العالم مغمضة عن هذه الجرائم، فقد سبق بيت عائلة صب لبن عشرات البيوت التي يستهدفها المستوطنون وسلطات الاحتلال تؤمن دخولهم، وستمضي في خططها هذه لتغيير طابع المدينة المقدسة، وإحلال المستوطنين في منازل عريقة وشيّدت منذ عشرات إن لم يكن مئات السنين، ولكل هذا سبب واحد تهويد المدينة وفرض التغيير المكاني والزماني عليها، وإفراغها من أهلها.
واللافت أنه منذ أن تسلم نتنياهو الحكومة، بدأت عمليات إخلاء العاصمة بشكل غير مسبوق من خلال هدم المنازل، وتهجير المواطنين العرب، وإحلال المستوطنين في منازل المقدسيين، وبوتيرة متسارعة، ووصل الأمر بأن يجبر المقدسيون والفلسطينيون على هدم منازلهم بأيدهم تنفيذا لأوامر إسرائيلية، ناهيك عن ما يقوم به المتطرف بن غفير من إعطاء أوامره لقوات الاحتلال والشرطة بهدم المنازل بشكل مباشر، دون الرجوع إلى بلدية الاحتلال، كما أن كل أذرع حكومة الاحتلال تساهم في تضييق الخناق على المواطنين العرب، خاصة في محيط وفي جنوب المسجد الأقصى خاصة في بلدة سلوان، والمنطقة الغربية من المسجد الأقصى «ساحة البراق»، والأخطر أن هذه الساحة أصبحت مهوّدة بشكل كبير حيث أُنشئ فيها أكثر من كنيس يهودي.
هي حرب أبنية، وجرائم بقاء تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المقدسيين، بشكل خاص، تجعل من سكّانها يفترشون الأرض، والشوارع بينما تُهدم بيوتهم، أو يستولي عليها مستوطنون، لتبدو اليوم البيوت حربا جديدة على بقاء عروبة القدس، وتاريخها، ووضعها المكاني والزماني، وعلى العالم أن يتنبه لخطورة ما يحدث، فهي بحرفيّة المعنى حرب على بقاء الحق الفلسطيني والمقدسي على وجه الخصوص في ترابه ووطنه.
(الدستور)