مؤشرات على نوايا إيران في مزيد التمدد الاقليمي
داود عمر داود
12-07-2023 05:08 PM
خبر غريب عجيب انتشر في موقع إخباري محلي، ونقله الإعلام الخارجي، حول استطلاع للرأي أُجري في الأردن لصالح (معهد واشنطن للدراسات)، من أجل التعرف على أراء ومشاعر الناس في قضايا تخص إسرائيل وإيران، وحتى يتم قياس مدى قبول أو رفض الناس لهما. وقد تم إجراء الاستطلاع ما بين شهري آيار ونيسان 2023.
أن تقوم أي حكومة بإجراء استفتاء لمعرفة توجهات وأراء مواطنيها، أمر عادي مفهوم، من أجل أن تعالج مشكلة، أو أن تقوم بمشروع يحتاج رأي الناس، أو تقوم بتعديل قانون، أو أن تسن قانوناً جديداً. كلُ ذلك أمر عادي ومقبول.
أما الأمر غير العادي، وغير المقبول، هو أن تقوم دولة ما بإجراء استطلاع رأي لمواطني دولة اخرى، فهذا أمر غريب وعجيب. واضح أن استطلاع الرأي الأمريكي في الأردن ... أمر فيه ما فيه!!!
جانب إسرائيل من الاستطلاع الأمريكي:
انقسم الإستطلاع إلى قسمين، الأول يتعلق بإسرائيل تضمن 3 أسئلة عادية وغير ذات بال، ومعروف الجواب عليها مسبقاً، وكانت النتيجة:
أولاً: 84% من الاردنيين يرفضون التجارة مع اسرائيل ... (وهذا أمر غير مهم على الاطلاق ومعروف بدون استطلاع).
ثانياً: 76% يرفضون مساعدات إنسانية من إسرائيل (وهذا أيضاً موضوع غير ذات بال، وهو سؤال افتراضي).
ثالثاً: 72% من الأردنيين شامتين بالاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو (وهذا أيضاً أمر عادي متوقع من أُناس يكرهون عدوهم).
جانب إيران من الاستطلاع الأمريكي:
أما الأخطر، في الاستطلاع الأمريكي، فهو الجانب الذي يخص إيران. إذ أن الأسئلة تعلقت بمشاعر الناس تجاه المد الإيراني الزاحف نحو المنطقة، وكانت النتائج كما يلي:
أولاً: 53% من الأردنيين يرحبون بعودة العلاقات السعودية الإيرانية، في حين أبدى 44% استياءهم. (علماً بأن رأي أهل الاردن في هكذا سؤال غير مهم، لانه يخص دولة اخرى، لها ظروفها).
ثانياً:45% من الاردنيين يعتبرون إيران دولة منافسة، و42% يعتبرونها عدوا.
ثالثاً: 69% يعارضون محاربة إيران (وهذا مربط الفرس وأهم نقطة في الاستطلاع).
رابعاً: والأخطر أن 59% ضد فكرة حيازة دولة عربية لقنبلة نووية بهدف التصدي لإيران.
تسهيل التمدد الإيراني:
ويفهم القارىء من آخر نقطتين، أن أسئلة الاستطلاع كانت موجهة بخبث للخروج بهذه النتيجة. بمعنى أن الأمريكيين حصلوا على نتيجة، غاية في الخطورة، وهي التي استهدفوها من الاستطلاع، والتي تناسب سياساتهم، الهادفة إلى تسهيل التوسع الإيراني في المنطقة.
فقول الأمريكيين أن 70% من الاردنيين لا يرغبون في محاربة إيران، و60% لا يريدون حتى للعرب أن يقاوموا إيران، هو ما يستهدفه الاستطلاع، كي يخلصوا إلى نتيجة أن أهل الاردن لن يقاوموا المد الإيراني، ولا يريدون للعرب أن يقاوموه.
وهذا أمر لا بد أنه يجافي الحقيقة، ولا يُصدق. فمشاعر الناس في الاردن كانت مع العراقيين ضد الاحتلال الأمريكي، وتؤيدهم في تصديهم للمد الصفوي في العراق، ومع الثورة السورية، ومع أهل اليمن. فكيف يتم تزوير مشاعر الناس ووجهة نظر شعب بأكمله، بهذا الشكل السافر؟ وماذا لو تخطت المليشيات الإيرانية الحدود الشمالية، ألا يتصدى لها الناس؟ هل يتوهم الأمريكيون أن أهل الاردن سيرحبون بالحرس الثوري الإيراني في بلادهم؟
توظيف استطلاعات الرأي لتبرير وتمرير المؤامرات:
استطلاعات الرأي، في العادة، يستفيد منها أصحاب القرار، في الغرب، لدراسة المزاج العام لشعوبهم، واتخاذ القرار حتى لا يجدوا معارضة قوية من قبل الناس، تعطل مشاريعهم. وهم في هذه الحالة يظنون أن 70% من أهل الاردن سيرحبون بملالي طهران وبمندوبيهم وبالمراجع وبالمعممين. فهل يعني أنه قد حان الوقت، لتبرير تهيئة الظروف لتحويل الاردن إلى عراق جديد، أو إلى سوريا جديدة، أو يمن جديد؟
وبما أن الاستطلاع الخبيث قد وجد أن أكثر من ثلثي أهل البلاد على استعداد للتعايش مع إيران، وحرسها الثوري، فربما يكون الظرف مناسباً لبدء تنفيذ هذه المؤامرة الأمريكية.
الاردن مستهدف من قبل إيران:
فالاردن هو الهدف التالي للتغلغل الصفوي حسبما كشفه الدكتور بسام العموش مؤخراً، وهو الذي أمضى سنوات في طهران سفيراً، وهو الخبير بالعقلية الحاكمة هناك. فقد فاوضه الملالي لفتح (السياحة الدينية) ليصلوا إلى المقامات في الجنوب، مقابل مساعدات مالية! وفاوضوه على تمويل مشاريع بشرط أن يأتوا معهم بـ (الحرس الثوري) تحت مسمى أيدي عاملة! بمعنى أنهم أرادوا أن يكرروا السيناريو الذي اتبعوه في الدول العربية التي سقطت تحت قبضة الهيمنة الصفوية بالكامل.
الخلاصة:
وما هي إلا أشهر قليلة، منذ إستطلاع الرأي المريب المُشار إليه، حتى خرج الكاتب "كينيث بولاك"، من صحيفة "ذا هيل" الأمريكية المقربة من الكونغرس، بمقال نٌشر يوم أمس الثلاثاء، 11/7/2023، يستنتج فيه (أنه يمكن لوكلاء إيران التسلل إلى الأردن من جميع الاتجاهات). وكتب يقول: بصراحة أن الاردن هو (الضحية التالية الواضحة لإيران). وأشار إلى أن إيران تمتلك بالفعل أعدادًا كبيرة من العسكريين وشبكة من القواعد المنتشرة، قبالة الحدود الشمالية. أما من جهة العراق، فقال أن حكومة بغداد (أصبحت أقل قدرة على منع إيران من أن تفعل ما تريد).