ما بين الكرسيين .. كرسي الأردن وكرسي جنيف
د. م. محمد الدباس
12-07-2023 11:32 AM
نحن العرب الأكثر حبا وعشقا وسعيا للكرسي، لأنه سلطة مهيبة ترافقنا على مدار الحياة، فصنعنا (كباقي الشعوب) من الخشب الميت روحا، هذه الروح صنعت قادة سلام وقادة حروب أيضا.
وللعلم "الكرسي" هو الخصم الخالد للشعوب، بدليل وجود أكثر من 48 اشتقاق لغوي (عربي) لوصف الكرسي وعلى غرار ذلك، وتحديدا على بوابة قصر الأمة في هيئة الأمم المتحدة لغربي أوروبا (UNECE) في مدينة جنيف، نجد كرسياً استهلك صنعه أكثر من 5 طن من الخشب بارتفاع وصل الى 12 مترا، حيث تم تصميمه وتنفيذه بثلاثة أرجل، بينما تركت الرجل الرابعة مفقودة ومشوهه من الجزء المتبقي منها، تعبيرا رمزيا عن التنديد بالألغام والحروب والتعدي الجائر على استخدامات الأراضي ومنها التعدين؛ ولتنبيه السياسيين والدبلوماسيين والأفراد على مخاطر وأعباء وكلف التدمير للعنصر البشري ولعناصر البيئة، وضرورة إرساء قواعد السلام العالمي، وهو بالمجمل رسالة لدعاة السلام عن حجم الألم الذي يلم بالأفراد جراء مثلك تلك الأفعال الجائرة.
محليا؛ لا أعلم الدوافع والفضول من تصميم كرسي الأردن الذي تم الإعلان عنه خلال اليومين الماضيين، فما هو فحوى ومضامين تصميمه وبنائه، قد يقول قائل بأنه ليس له معنى سوى تكريس فكرة أن الكرسي هو استثمار غالٍ، وأن سعي الحصول عليه ليس بالأمر السهل، وأنه من الواجب ان يعمل الفرد بكل جد حتى يحصل عليه. فهل هي رسالة سلبية ذات مغزى موجهة لشبابنا الحالي في الوقت الحالي؟ أم انها رسالة تبين أن للكرسي أبعاد أخرى في إرساء السلم وقواعد العدل المجتمعي؟
وكخلاصة، فإن الجانب الإيجابي بالموضوع هو البدء في تسليط الضوء وإظهار رسائلنا الإعلامية بطرق مبتكرة كما يقوم الغرب بذلك، لكن الجانب السلبي يتمثل فيما ينقصنا من "الخبرة والحنكة والنضج" في تجسيد ما نتطلع التنويه له، فهل أصبحنا نسير بلا رسالة أو ارادة أو غاية مثلا، لنسجل (فقط) رقما قياسيا لدى موسوعة جنيس دون نقل رسائل إنسانية هادفة؟.