اتفاق تركيا مع السويد: فوز لكلا البلدين؟!
د. محمد عبدالله اليخري
11-07-2023 07:33 PM
إن قرار تركيا برفع حق النقض (الفيتو) عن انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي هو إنجاز كبير للحلف وانتصار كبير للسويد. ويعد الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بعد محادثات ثلاثية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، خطوة مهمة نحو تعزيز الأمن الجماعي لحلف الناتو.
لم تخل الصفقة من التحديات. كانت تركيا تعرقل انضمام السويد لعدة أشهر، مشيرة إلى مخاوف بشأن دعم السويد المزعوم للجماعات الكردية التي تعتبرها تركيا منظمات إرهابية. ومع ذلك، يبدو أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه يوم الاثنين قد عالج هذه المخاوف، حيث وافقت السويد على العمل مع تركيا "لتنسيق الحرب ضد الإرهاب" وتعزيز العلاقات التجارية الثنائية.
الصفقة هي أيضا انتصار كبير للسويد. لطالما كانت السويد شريكا وثيقا لحلف الناتو، لكن انضمامها إلى الحلف كان سيشكل انتصارا رمزيا كبيرا لروسيا. ومن خلال رفع حق النقض (الفيتو)، تكون تركيا قد حيدت فعليا قدرة روسيا على استخدام حق النقض ضد انضمام السويد، وزادت من احتمال أن تصبح السويد عضوا في حلف شمال الأطلسي.
ويمثل الاتفاق أيضا خطوة مهمة نحو تعزيز الأمن الجماعي لحلف الناتو. مع انضمام السويد، سيحصل الناتو على عضو جديد يتمتع بجيش قوي وتاريخ طويل من التعاون مع الحلف.
وهذا من شأنه أن يعزز قدرة الناتو على ردع روسيا والدفاع ضدها، ومن شأنه أن يرسل إشارة قوية إلى موسكو بأن الحلف متحد ومصمم على حماية أعضائه.
وبالإضافة إلى التداعيات الأمنية، فإن للاتفاق أيضا أهمية سياسية. فهي علامة على أن تركيا مستعدة للعمل مع حلفائها في الناتو، حتى في القضايا التي لديهم وجهات نظر متحفظة. وهذا أمر مهم، لأنه يظهر أن حلف شمال الأطلسي لا يزال محفلا قيما للحوار والتعاون، حتى في مواجهة التحديات.
الصفقة هي أيضا علامة على أن السويد ملتزمة بدعم حلف شمال الأطلسي وأمن الحلف. هذا أمر مهم، لأنه يظهر أن السويد شريك موثوق به ويمكن الاعتماد عليه في أوقات الحاجة.
وبشكل عام، يعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه يوم الاثنين العاشر من يوليو 2023 تطورا إيجابيا لحلف شمال الأطلسي والأمن الأوروبي. إنها علامة على أن التحالف متحد ومصمم على حماية أعضائه، وأن تركيا مستعدة للعمل مع حلفائها، حتى في القضايا الصعبة.
هل الصفقة فعلا فوز للجانبين؟
إن الصفقة بين تركيا والسويد معقدة، ومن الصعب القول بشكل قاطع ما إذا كانت مربحة لكلا البلدين. ومع ذلك، هناك بالتأكيد بعض الفوائد المحتملة لكلا الجانبين أقلها أمنيا.
وبالنسبة لتركيا، يمكن أن يساعد الاتفاق في تحسين علاقاتها مع أوروبا. كانت تركيا على خلاف مع بعض أعضاء الناتو في السنوات الأخيرة، ويمكن أن يساعد الاتفاق في إصلاح بعض تلك الأسوار وتساهم في فتح الجسور. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن توفر الصفقة لتركيا بعض الفوائد الاقتصادية، حيث أن السويد دولة غنية ذات اقتصاد قوي.
وبالنسبة للسويد، يمكن أن تساعد الصفقة في زيادة أمنها. السويد بلد صغير، وتحيط به روسيا. فمن المؤكد من استراتيجيات هذه الصفقة هو ردع روسيا عن مهاجمة السويد، بالإضافة الى إمكانية وصول واستغلال السويد للموارد العسكرية لحلف الناتو.
بالطبع، هناك أيضا بعض المخاطر المحتملة المرتبطة بالصفقة. على سبيل المثال، قد يثير الاتفاق غضب بعض الجماعات الكردية، مما قد يؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتبار الصفقة علامة على أن تركيا مستعدة للتنازل عن مبادئها من أجل الحصول على ما تريد.
وبشكل عام، فإن الصفقة بين تركيا والسويد معقدة مع كل من الفوائد والمخاطر المحتملة. من السابق لأوانه القول بشكل قاطع ما إذا كانت الصفقة ستنجح، لكنها بالتأكيد تطور مهم في العلاقة بين تركيا والغرب.