فكر كثيرا وليس فقط مرتين قبل أن تتخذ موقف ما أو خيار ما او حتى فكرة مهما حاول البعض أن يقدم لك هذه الفكرة، فهو يتحدث عن غيبيات لا يملك من معالمها أية تفاصيلها الحاسمة والعملية والعلمية النظرية والتطبيقية أية قواعد يمكن الإعتماد عليها في الحكم، من هنا اؤكد أن بين المبادئ والقيم وغيابها مساحة تمتد، وعوالم تتحرك، وأناس ينتقلون من بعد لآخر، وكلام يتناثر بين التفاصيل، والغائب في الغالب هو الروح التي قدست المبادئ والقيم، وحافظت على الانتقال بين عالم الماديات وعالم المثاليات، ولذلك فإن أخطر ما يواجه العمل النضالي في الواقع هو أؤلئك الممثلون الكومبارس الذين يلعبون ادوارهم في الخفاء وينسجون تحالفات المصالح ويتبادلونها بينهم.
وهنا ولتعقيدات هذه المسائل وفهمها وفهم طبيعة التناقض القائم بين الفكر المبدع والخلاق الذي تطرحه نظرية الحرية والديمقراطية من جهة, وبين كافة العقائد البالية التي تجسدها ثقافات المنفعة السائدة في شتى صورها من جهة أخرى، نستدل عبر كافة التراكمات التاريخية المعوقة لتأكيد وترسيخ فكر الحرية الإنساني الممثل لفكر الشعب, أنه في حال العجز عن استيعاب اي فكر جديد ينطلق هؤلاء الممثلون لأدوارهم الحقيقية كما عاشوها في واقع الماديات الفارغ بعيداً عن حرفية السياسة وإبداع المناضلين المنافحين عن الحرية، فتستهويهم موائد الحفلات ومهرجانات التسوق ودسائس الحياة وفعاليات مصورة وموائد يسمونها موائد الرحمن وهي ليست كذلك بل مهرجانات تصوير وسوشل ميديا، أو حفلات استقطاب مدفوعة الثمن، ولا يهمهم حراك الشارع وقضايا الناس المطلبية من بطالة وفقر وعجز مالي، ويذهلك البعض وانت الخبير لعقود في معظم المجالات بأن البعض يقدم الوعود بتقديم الحلول لكل المشاكل بما فيها التخوفات من عدم وجود قواعد للذكاء الاصطناعي.
على كل حال استكمل في الحديث عن نظرية الحرية فستظل ممارسة السياسيين حيالها غير فاعلة الأمر الذي يحتم بالضرورة التأكيد على فهم طبيعة التناقض القائم بينها وبين القوى المعادية لها, وهذا لن يتأتى إلا عن طريق التعمق في الدراسة والتحليل لنظرية الحرية ذاتها وبشكل علمي سليم بعيداً عن الدراسة العشوائية والعاطفية والتحليل السطحي لها ،مؤكدين على دور المبشرين بالفكر القائم على نظريات واضحة تتفهم الخصوصية الأردنية وتدرجها الحكيم ورواده، انطلاقاً من الفهم العميق أيضا لدورهم ضماناً لقبول الدور على قاعدة الفهم ليسهل فهم السلوك مما يسهل فهم وقبول الفكرة.
إن تحديات الفكرة تتطلب من متبنيها الصبر والمثابرة والوعي بمتغيرات العالم الخارجي وتوازنات الحياة، وتطورها المتسارع وحاجة المجتمع للتجديد في إطار وحدة الفكرة خوفاً من التمزق والضياع ،متقبلين التباين أحياناً في وتائر العمل و الاهتزازات التي تحصل، تمهيداً لمعالجة الخلل والتغيير ضمن المنهج الواحد واكتساب المجتمع لروح الفكر الجديد المبشر بحضارة جديدة لها قواعدها ومفاهيمها ليجد الإنسان في نفسه نموذجا لهذه الحضارة الجديدة ماثلاً متجسداً يستهوي أفئدة الظامئين إلى حياة جديدة في عالم جديد تسوده الحرية والعدالة والتقدم .