الحاجة إلى تعديل قانون الجرائم الإلكترونية
د. أشرف الراعي
11-07-2023 09:57 AM
يخلق تعديل قانون الجرائم الإلكترونية الحالي، وإحالته إلى مجلس النواب من قبل الحكومة بصفة الاستعجال، كما ورد على لسان وزير الإعلام الزميل فيصل الشبول، حالة من الجدل بين قطبين، وهما المناصرين للتعديل القانوني من جهة، وجلهم من القانونيين الذين ينظرون إلى ظاهر النص وضروة معالجة الأخطاء في الصياغة التشريعية، والصحفيين والإعلاميين الذين يفترضون أن "هذا القانون يمكن أن يقيد من مستوى الحريات ويحيل عدداً أكبر منهم إلى المحاكم، وفقاً لأحكامه".
والواقع أن هذا الجدل يثور اليوم ليس على شاشات التلفزة بحسب، بل حشدت الحكومة آراء مؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي – وهم مؤثرين غير متخصصين بالمناسبة – من أجل القول إن "هذا القانون بشكله الحالي ضعيف وبحاجة إلى إعادة صياغة"، وهو توجه أتفق وأختلف معه في ذات الوقت؛ إذ قبل ذلك لا بد وأن ننظر إلى تعريف الصحافي في نص المادتين 2 من قانون المطبوعات والنشر وقانون نقابة الصحفيين الأردنيين، ونناقش مدى تطبيقهما، وهل سيؤثر تعديل قانون الجرائم الإلكترونية على حريتهم وحرية أفراد المجتمع في التعبير عن آرائهم لا سيما من خلال المنصات الرقمية !.
كما لا بد وأن نعترف بأن هناك بعض الجرائم التي هي بحاجة اليوم للنص عليها بصورة واضحة من خلال القانون ومن أبرزها "جريمة الابتزاز" و"جريمة هتك العرض الإلكتروني" وغيرها من الجرائم التي لاقت جدلاً واسعاً خلال الفترة الماضية لجهة عدم وجود نصوص واضحة عليها والقياس من خلال قانون العقوبات، وبدلالة المادة 15 من قانون الجرائم الإلكترونية.
أما المادة الأكثر جدلاً في تاريخ علاقة الصحفيين بالحكومة؛ فهي المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية وهي مادة إن جاز التعبير تعاني من "تشوه في الصياغة" وهو تشوه لا بد وأن تتم معالجته، فلا يجوز جمع 3 جرائم في نص مادة واحد مع تحديد عقوبة واحدة، علماً أن قانون العقوبات الذي يعد هو الشريعة العقابية العامة في المجتمع ينص على الجرائم الثلاث (الذم والقدح والتحقير) بصورة منفصلة ومن هنا فإن أي تعديل قانوني يتطلب مراعاة الصياغة التشريعية من قبل متخصصين من جهة.
وكذك لا بد من مراعاة ضرورة وجود توازن بين الحرية الصحافية والمسؤولية المهنية التي يجب أن يتمتع بها الصحافي؛ فلا تقييد لحريته ولا خروج من قبله على القواعد القانونية التي تنظم المهنة الصحافية، وتضبط طريقة عمله؛ حتى لا يختل المجتمع، وتصبح الصحافة في النهاية مدعاة للفوضى وخروجاً على الرأي العام والنظام العام والقانون.
وأخيراً ومن خبرتين قانونية وصحافية تمدان إلى أكثر من 20 عاماً، أقول إننا "بحاجة إلى تعديل قانون الجرائم الإلكترونية تعديلاً يتوافق ويترافق مع التطورات الحاصلة في مجال الإعلام من جهة، ومن ناحية الصياغة التشريعية من جهة أخرى"؛ فتنظيم الحقوق والحريات بموجب الدستور الأردني، الذي نص في الفصل الثاني من المواد (5 ــ 23) على الأحكام القانونية المتعلقة بحقوق الأردنيين وواجباتهم، جاء تنظيما شاملا وواضحا ودقيقا وقرر لها الضمانات والكفالات التي تحقق ممارستها، لكنه أيضاً حددها وقيدها بموجب الضوابط القانونية.
كما أن الحرية الصحافية – كجزء من حرية الرأي والتعبير – يجب أن تكون مصونة، ومحمية وللصحافي، كما للمواطن أن يمارسها بكل حرية ومن دون قيود؛ سوى القيود التي يفرضها القانون حماية للمجتمع، وأمنه ونظامه العام، ما يقتضي الموازنة بين المسؤولية المهنية من جهة، والحرية الصحافية من جهة أخرى، وهذه مسؤولية الحكومة من جهة ومجلس النواب ونقابة الصحفيين من جهة أخرى.