الدعم بين الامن الاجتماعي ورفع الاسعار
سلامه الدرعاوي
10-01-2011 02:27 AM
ضحت حكومة معروف البخيت بنائب رئيس الوزراء حينها وزير المالية زياد فريز الذي اصر على رفع الدعم عن المحروقات لضبط عجز الموازنة الذي تفاقم الى حدود الـ 700 مليون دينار في عام 2006 ، حينها غلبت لغة الامن الاجتماعي على لغة الارقام, ولم يتم رفع الاسعار واستقال الوزير.
اما حكومة الذهبي فكانت قد خططت لازالة كافة اشكال الدعم عن المحروقات باستثناء الغاز بحلول شهر شباط في عام 2008 ، وكانت جميع المؤشرات الاجتماعية تعيش حينها حالة من اليأس على اثر الانتخابات البلدية والنيابية التي اعتبرها الكثير من المراقبين مزورة, ولم تكن باستطاعة الحكومة رفع الاسعار واللجوء الى التسعير العالمي في بيع المحروقات دون ان تتخذ اجراءات غير عادية لضبط سلوكيات المواطنين, فاقدمت على زيادة رواتب العاملين والمتقاعدين من 45 الى 50 دينارا, والغت الرسوم الجمركية عن 13 سلعة اساسية, وزادت من مخصصات المعونة الوطنية ورفعت الاعانة الى 158 دينارا للفرد وزادت من مخصصات سكن كريم,الامر الذي عزز شبكة الامن الاجتماعي في الموازنة بعد ان تم رصد ما يقارب الـ 800 مليون دينار لذلك, وقتها رفعت الحكومة الدعم عن المحروقات ومرت الامور بسلام.
اليوم هناك حديث في الشارع من ان الحكومة لديها سيناريوهات لضبط عجز الموازنة الذي يتجاوز المليار دينار, ومن ابرز ما يتم تداوله هو ازالة الدعم المتبقي عن بعض السلع, والواقع يدلل بوضوح ان هناك استياء عاما من قبل المواطنين الذين انهكتهم سياسات التقشف وشد الاحزمة منذ سنوات وهم بانتظار الفرج, ليتفاجأوا ان كل حكومة تأتي تغني نفس الموال وتلجأ الى رفع الاسعار دون ان يترجم ذلك الى اجراءات واقعية في ضبط العجز الذي يتفاقم من عام لاخر الامر الذي افقد الثقة بالخطط الرسمية تجاه موضوع العجز, وبالتالي فان المواطن يشعر انه غير معني بمعالجة الاختلالات المالية في الموازنة لان الحكومات المختلفة كانت قد وعدته بذلك في حال تم رفع الدعم الذي تحقق ولكن للاسف لم يتحقق الخفض في عجز الموازنة.
طبعا الحكومات السابقة ونتيجة غياب التخطيط المؤسسي لبناء الموازنات المالية السليمة, زادت العجز في الموازنات عن طرق الاقتراض الداخلي لتوفير مخصصات شبكة الامان الاجتماعي وعدم اللجوء لرفع الاسعار نتيجة اضطراب الشارع, فزادت المديونية والعجز مقابل امتصاص نقمة الشارع, فماذا باستطاعة حكومة سمير الرفاعي ان تفعل?
تدرك الحكومة ان اكبر تحد يواجهها هو رفع الدعم عن الخبز والغاز, وهذه مسألة يعتبرها الشارع خطا احمر خاصة مع عدم وجود مخصصات مالية لزيادة الرواتب في الموازنة.
تستطيع الحكومة الابتعاد عن تلك السيناريوهات من خلال تبويبها الجيد لبند النفقات الراسمالية في الموازنة والتي تبلغ 1.2 مليار دينار, والواقع ان تأخير اقرار الموازنة حتى شهر شباط يعني ان جزءا من تلك المخصصات تأجل تنفيذه وقد يصل الرقم الى 250 مليون دينار, واذا ما علمنا ان الجهاز الاداري للدولة وفي افضل حالته لا يستطيع ان ينجز اكثر من 80 بالمئة من المشاريع يعني ايضا انه سيتم توفير مخصصات مالية من هذا البند قد تصل الى اكثر من 300 مليون دينار, اي ان الحكومة باستطاعتها ان توفر اكثر من نصف مليار دينار وهو رقم اكثر بكثير من قيمة الدعم للغاز والخبز, وبذلك تستطيع ان تمضي سنتها هذه بهدوء وباستقرار والله من وراء القصد.
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)