الأحزاب السياسية في الأردن والشباب
د. عبدالله حسين العزام
10-07-2023 12:49 PM
في ظل التجربة الديمقراطية الجديدة والتحول نحو تأسيس حياة حزبية مطورة في المملكة، أعتقد أن النجاح سيكون تحصيل حاصل ما لم يتم استبعاد الشباب أو التغاضي عنهم كمرشحين سياسيين، تحت ذريعة نقص الخبرة.
في الأردن، أغلب السكان الحاليين هم من فئة الشباب، إذ يتميز الأردن بأنه دولة فتية وتشكل الفئة الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 40 عاماً ما يقارب 65٪ وأكثر بالمائة من إجمالي السكان بحسب القراءات الإحصائية.
ومع ذلك، فإن النسبة الأعلى من البرلمانيين الأردنيين وشاغلي المواقع السياسية في الدولة، عادة يكون أعمارهم ما بين ال 50-70 عاماً ونيف، والسؤال هل سنشاهد برلمانيين وسياسيين جدد بنسب عالية تتراوح أعمارهم ما بين 25- 40 عاماً في ظل التجربة الديمقراطية الجديدة.
التمثيل الناقص للشباب تحت قبة البرلمان من ناحية و في المناصب السياسة من ناحية أخرى، وفي الأحزاب السياسية كذلك، يؤكد أن هناك احتكار للعمل السياسي، إذ يتم حصره في فئة معينة أو في طبقة من الطبقات أو يتم وفق سياسة التوريث "إبن الوزير وزير وإبن النائب نائب وإبن العسكري عسكري وإبن الحراث حراث".
ولعل ما يؤكد ذلك؛ ضعف آليات تحسين تمثيل الشباب في عملية صنع السياسات، علاوة على عدم وجود ضمانات بالنسبة إلى عمل النظام الانتخابي بالشكل العادل والقائم على الجدارة حتى الآن، فضلاً عن غياب رؤية سياسية مستقرة وداعمة للشباب من قبل الحكومة ومؤسساتها لانجاح التجربة الديمقراطية المحدثة.
بصفتي أحد الشباب الأردني، أعتقد أنه لن يكون لدى الشباب القدرة والثقة للترشح للبرلمان بسبب العائق المادي من ناحية، سيما وأن دخل الفرد منخفض بدرجة كبيرة، والعائق الثقافي من ناحية أخرى، من حيث عدم اهتمام الأحزاب السياسية بالدور الطليعي السياسي للشباب.
على أرض الواقع حتى الآن العلاقة بين الشباب الأردني والأحزاب السياسية ضبابية ومعقدة إلى حد كبير، باعتبار أن الأحزاب السياسية لغاية الآن لم تشتبك أو تتعامل مع الشباب أو لم تنظر في قضايا مواطنة الشباب أو المشاركة السياسية، بالمقابل ينظر الشباب للأحزاب السياسية بشكل متزايد إلى كونها نائية وغير شعبية ومحاولاتها لا زالت عرضية لاستقطاب الشباب للعمل الحزبي.
علاوة على ذلك، فقد أثبت الشباب عزوفهم عن الانضمام للأحزاب على الأرجح، من كونهم يشتكون من أن الأحزاب السياسية تتجاهل مصالحهم وتطلعاتهم سواء من حيث تشكيل السياسات أو الحصول على مواقع في الصفوف الأولى فيها، ما أدى ذلك إلى انفصال كبير بين الشباب والأحزاب السياسية ويتجلى ذلك بكل وضوح، من خلال هيمنة بعض الشخصيات الرسمية السابقة، وتنصيبها على الأحزاب وقيادة المرحلة في الأردن، الأمر الذي يشير إلى استخدام المشاركة الشبابية الحزبية كأداة للظهور والعبور والوصول فقط، ما انعكس ذلك سلبياً على أرض الواقع وأدى إلى تحقيق مستويات منخفضة من الإنضمام للأحزاب وصعوبة تحديد هوية الحزب الملائم للفئة الأكثر عدداً وتأثيراً في الاستحقاقات الانتخابية، إضافة إلى الإحجام المركب والمبكر عن الانضمام إليها أو العمل من أجلها أو القيام بحملات لصالحها في جميع أنحاء المملكة أو حتى المبادرة في حضور فعالياتها.