متحف آرمات عمّان .. أحلامنا التائهة
د. هناء علي البواب
09-07-2023 10:14 AM
لا تعتقد لحظة وأنت تسير في شوارعها المزدحمة الممتلئة بوجوه شاحبة هدّها الزمن، وأكلتها تجاعيد العمر أنك ستجد تحت قدمك إشارة خضراء اللون تشير لك : متحف آرمات عمان ... من هنا.
تتقدّم وأنت لا تعرف إلى أين تذهب، ولا يخطر ببالك سوى أن هناك من يشدّك تجاه مكان ما...
ربما مكان غامض.. ربما متحف فيه من اللوحات الفنية المزخرفة، وربما فيه سيارات أثرية قديمة... لا لا.. سأرى هناك مجموعة من الأزياء التراثية... كل ذلك يدور في خاطرك وأنت تدخل بابا صغيرا تقودك سلالمه إلى عبارات مختلفة لا تعرف أنت محتواها..
الزمن وحده يعرف أنك ستجد عند مدخل المتحف رجلا بجسد طويل ووجه بشوش و يطيل النظر إليك بعينين من خلف زجاجتين لامعتين مرحبا بك... فيشدّ على يدك تسليما وترحيبا بيدين قويّتين ينقل من خلالهما الحب والترحيب والجمال..
إنّه غازي خطاب... ما إن تراه إلا وتجد نفسك مغرما بكل كلمة يقولها هذا الرجل وهو يخبرك عن متحف ليس كأي متحف...
إنّه التاريخ العمّاني الأصيل الذي حمل ( آرمات) عمان قطعة قطعة منذ أن بدأت تلك المدينة بالتشكّل...
جرّب أن تدخل هناك... ستجد لوحات تثير تعجبك... لم يرسمها فنان عالميّ، ولم يتفنن في تصويرها أعظم فوتوغرافي العالم... بل كانت عمّان وحدها بكلّ قسوة الزمن عليها هي الشاهد الوحيد على وجودها هنا...
الآرمات التي تشكّل لوحة فسيفسائية والتي تحمّل عناء جمعها هذا الرجل بكل فرح وهو يركض خلف سيارات جمع الخردة، أو وهو يفاوض بائعا على تلك اللوحة التي لم يعرف أحد أن هذا الرجل يجعمعها ليثبّت تاريخا كان سينمحي...
التاريخ الذي يحتويه متحف ( آرمات) عمان ليس تاريخا ورقيا، بل هو تاريخ بصري مختلف، يخبرنا أنّ عمّان فيها من الأبناء من كان وما يزال بارّا بها.
غازي خطّاب لا ندري هل حملتك عمّان...
أم حملتها أنت على كتفيك لتزيح عن قلبها غبار السنين.
هي دعوة مفتوحة للبحث عن أحلامنا التائهة هناك في وسط البلد...وبالقرب من القلب دوما ستجدون يدا محبة تنتظركم.