facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




توظيف جديد للمأساة الفلسطينية


اللواء محمد البدارين
09-07-2023 01:14 AM

فهم حزب الله ، قسوة الرد الإسرائيلي عام 2006 ، فلم يطلق اية طلقة منذ ذلك الحين، وحّول طريقه الى القدس عبر حلب ، فذكرنا بالإمام الخميني الذي كان يرغب بإرسال جيشه للدفاع عن بيروت عام 1982 ، لولا العائق العراقي ، وحين يعلن العراق عن استعداده لفتح الطريق ، سيكتفي باحتفالية يوم القدس ، القدس او فلسطين التي تحولت عبر قرن مضى الى مادة قابلة للاستغلال والاستعمال ، من قبل أي ضابط يستولي على عرش سيده ، او من قبل أية دويلة ترغب بتضخيم نفسها وتحلم باستعادة مجد غابر تدعيه كل الأمم ، او من قبل أي زعيم يساري تغويه المنابر لممارسة انفعالاته الأممية ، او أي إسلاموي يتعاطى الخطب التي يحث من خلالها أبناء الناس على الاستشهاد وينسى ابناءه ، او من قبل أي سياسي طامح يعثر على ذاته في دوامة العبث بمصائر الشعوب والاوطان ، او حتى أي شخص نصف موهوب يرغب ان يصبح شاعرا كبيرا محميا من النقد ، او اية طفلة قليلة البراءة يقرر ابواها استثمارها كببغاء عبر تلقينها كلمات جوفاء لإثارة الجمهور المنفعل عادة في كل المدرجات.

وهكذا ظلت فلسطين وكل قضايانا عموما ، مادة قابلة للتوظيف والاستعمال والاستغلال من قبل أي طرف ، وكان على عموم الناس دائما دفع ثمن التجريب الطائش من مصائرهم ، وهكذا ظلت كل سياسات العبث محمية من أي نقد ، بدءا من زمن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، فصوت ام المعارك ، وصوت الفاتح ، وصوت فتح ، او صوت الجبهات ، بما فيها جبهة الصمود والتصدي ، فكلها أصوات تتغطى بالشعار المحصن بالقداسة ، كشعار البعثين اللذين حافظا طوال عقود حكمهما في سوريا والعراق على علاقات مقطوعة وحدود مسدودة بين البلدين ، ولا يزال كلاهما ينكر مسؤوليته عن تدمير بلده والعبث بمصير شعبه ، او تحويل جمهوريته الى جملوكية ، فكان من الممكن جدا ان نرى بقية الشباب رؤساء جملوكيات بالانتخاب الحر : جمال وسيف وقصي وابن علي عبدالله صالح وشقيق بوتفليقه ، مع مدام ليلى ، وصديقتها او غريمتها سهى وابنتها زهوة التي تريد اكمال مشوار الوالد بالعزف.

وتحت ضغط الاحداث المتلاحقة والمترابطة ، هل يمكن ان نسأل الجبهة الأم في الجزائر عن أحوال الشبان في فرنسا ، وما هي دوافعهم للهروب من وطنهم للعمل بمهن متواضعة ، مع ان بلادهم غنية بثروات لا تنضب ، ثم نغضب على شرطة فرنسا العنصرية لقتلها الفتى الذي يجب ان يكون مكانه الطبيعي في المدرسة ، ويتم شحننا بالحقد الاعمى على كل أوروبا بسبب قضايا الحجاب والنقاب والبوركيني او لباس البحر الإسلامي للنساء ، دون ان نفهم لماذا كل هذه الملايين من النساء والرجال هاربين من اوطانهم أصلا ، ولماذا لا تزال أفواج من العرب تغامر بأرواحها لكي تعبر البحر شمالا ، وحين تصل جثث الغرقى الى الشواطئ لا تجد من يواريها التراب الا متطوعين أوروبيين بيض ، أصبحت لديهم مقابر مرقمة ، لعل امّا مكلومة تعثر على جثة ابنها يوما ما ، فلماذا لا يحق لنا ان نطرح كل الأسئلة بدون ان نخشى تلفيق تهم التكفير والتجديف والخيانة او تهمة وهن عزيمة الامة.

منذ زمن فيصل الأول في دمشق ، كانت ولا تزال التهم جاهزة ، لكل من يدرك طبيعة الصراع في هذه المنطقة ويسعى لتحييد مصائر الناس والبلدان عن مجرى التيارات الإقليمية والدولية المتصارعة ، وكانت فلسطين ولا تزال وسيلة لكل نظام منتقص الشرعية ، او أي متزعم لفصيل او جماعة ، للتغطية على نواقصه او للتهرب من ازماته الذاتية ، دون أي حساب لفلسطين ومصير شعبها ومعاناة ناسها المستمرة منذ أيام الصراع بين الحسيني والنشاشيبي حتى الصراع الجاري حاليا بين فتح وحماس.

فهل يحق لنا ان نفهم ان ما يجري الان ، هو في احد ابعاده ، استخدام جديد لأرواح الشبان الفلسطينيين الناقمين على الاحتلال ، لتوظيفه كوسيلة ضغط على الموائد التفاوضية بين ايران والغرب ، او استعماله كأداة أخرى في صراعات الهيمنة الافليمية ، الا يحق لنا ان نفهم ان ايران المأزومة في داخلها مع أكثرية شعبها ، والمحاصرة بسياسات الضغط الأقصى الامريكية ، تبحث عن مخارج وأدوات وتبحث عن وقت ، ولا تتورع عن ان تعيد توظيف مأساة شعب هنا او شعب هناك لخدمة أهدافها ، ألم يحدث ذلك في العراق واليمن وسوريا ولبنان ، أليست ايران هي التي تعرف حدود قوتها امام إسرائيل ، وتعرف انها تتلقى الضربات الاستخبارية الصامتة في عمقها الداخلي وفي كل ساحات وكلائها العرب ، وتتقي الضربة المقررة بالتراجع المحسوب عن درجة التخصيب الخطرة ، انها قواعد اللعبة كما يقولون ولكنها لعبة بدماء الناس ، وقد لا يكون مهما ان نفهم كيف يصل قادة الفصائل الى طهران ويعقدون الاجتماعات المتلفزة مع المرشد ويعودون الى أماكنهم سالمين ، وهم المطلوبون كقادة جماعات إرهابية مصنفة ، ثم يباشرون تنفيذ اوامر المرشد ، فتصدير الازمات والاستثمار في مآسي الناس والتهديد بالرد الذي لن يقع ، باتت شكلا واضحا من اشكال إدارة الصراعات وتحويل كل شيء الى وسيلة ، حتى وصل الامر الى حد استغلال كتاب الامام البخاري في روسيا بإعادة طبعه ونشره على نفقة الدولة التي كانت تحضره قبل قليل ، لإيهامنا بحرص طرف ما على احياء السنة النبوية الشريفة.

وفي هذه الدوامة ، لا احد يسأل لماذا يموت المعارضون الروس بطريقة موحدة ، ولا احد يتذكر امير حسين موسوي الفائز في انتخابات ايران 2009 ، ولا احد يعرف مصير نساء ايران المحتجات امس ، ولا احد يجيب على سؤال لماذا يفضل الاوكرانيون الموت جماعيا على الوقوع تحت سلطة روسيا ، ولا احد يصرح لماذا لا يريد ملايين السوريين الهاربين العودة الى وطنهم .

تلك إشارات مترابطة ، على ان الأهم بالنسبة لنا هو واقعنا الفلسطيني وواقعنا الأردني المتأثر به مباشرة ، فشعب فلسطين يستحق قيادة تكون قادرة على توحيده واستعادة حقوقه ووقف معاناته ، ونحن في الأردن ليس بوسعنا ان نبتعد عن ساحة هذا الصراع المستمر والمتجدد لأننا في قلبه أصلا ، وقريبون جدا من ناره ، وقد حان الوقت ان نقول لحكومة إسرائيل بان كل هذا الهراء الديني وادعاءات التفويض الإلهي للأراضي واوهام التفوق ، منطق ضار يعيدنا الى القرون الوسطى ، وهو بالضرورة يستدرج منطقا دينيا مقابله ، وعندما يسيطر مثل هذا المنطق على جانبي الصراع ستسقط كل التفاهمات والمعاهدات وأفكار العيش بسلام.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :