دور الصناديق السيادية في القيمة المضافة
م. حمزة العلياني الحجايا
09-07-2023 12:48 AM
سيساهم إنشاء صندوق الثروة السيادي في الأردن في الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية الخاملة، المتمثلة في مشاريع القطاع العام والممتلكات العامة من الأراضي والعقارات؛ الأمر الذي ينعكس في زيادة وتعزيز حجم استثماراتها في قطاعات متنوعة، لزيادة مساهمة الإيرادات غير الضريبية ورفع قيمة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة وخلق فرص عمل منتجة، وتخفيف عبء بعض الشركات والمشاريع على الموازنة العامة؛ وبالتالي تتزايد أهمية الصندوق السيادي لتكون مصدرا رئيسيا للتمويل والاستثمار في ظل ارتفاع المديونية الخارجية.
الأردن لديها جميع الممكنات للوصول إلى اقتصاد تنافسي ومستدام، من مواهب شابة طموحة، وموقع جغرافي متميز، وموارد طبيعية غنية، وشركات صناعية وطنية رائدة، ومن خلال تمويلات الصندوق السيادي وبالشراكة مع صندوق استثمارات الضمان الاجتماعي والقطاع الخاص سيصبح الأردن قوة اقتصادية رائدة في قيادة التكامل الصناعي لسلاسل القيمة، وتحقيق الريادة العالمية في مجموعة من القطاعات الاقتصادية، من خلال الاستثمار في المشاريع والتقنيات الجديدة الواعدة وجذب الاستثمارات الدولية، وتوطين الصناعات.
صناديق الثروة السيادية (SWF) هي من الحلول المبتكرة خلال العقدين الأخيرين، وعُرِّفت على نطاق واسع على أنها أدوات اقتصادية تنشئها الدول لاستثمار مواردها وأصولها، لتدوير عائداتها وفوائضها المالية في مختلف الأوعية الاستثمارية مثل الأسهم والسندات والبنية التحتية والعقارات والزراعة والابتكار، وهي أكثر الاستراتيجيات تأثيرا لدعم أهداف التنمية المستدامة، وضمان ازدهارها، وتتسم أصولها بالضخامة وعملها بالسيادة، وتستثمر تلك الفوائض بالأسواق المحلية أو الأجنبية، وفقاً لمعايير اقتصادية (التكلفة والعائد).
تتميز الصناديق السيادية بتنوعها فهي صناديق الاستقرار، وصناديق الادخار أو المدرة للعائد المستقبلي، وصناديق احتياطي التقاعد العامة، وصناديق الاستثمار الاحتياطية، وصناديق الثروة السيادية للتنمية الاستراتيجية، والصناديق التي تستهدف صناعات معينة. بشكل عام، هذه الصناديق تؤسسها الحكومات بهدف عزل الميزانية أو الاقتصاد عن أي تقلبات قد تواجهها في الإيرادات، وتعظيم الموارد القومية.
يمكن ان يعد صندوق احتياطي الاجيال الكويتي الذي تأسس عام 1953 أول صندوق سيادي في العالم، لكن لم يرتبط تأسيس الصناديق بدول النفط فقط، فقد أسست الدول غير النفطية، كالصين وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتركيا وأستراليا وتشيلي ومصر صناديق ثروة سجلت تطورا في العقود الأخيرة، حيث أن عدد الصناديق السيادية حول العالم بلغ نحو 172 صندوقا في 87 دولة حتى عام 2022، وتُعد الولايات المتحدة الأميركية الأكبر عالمياً بنحو 23 صندوقًا، تليها دولة الإمارات بنحو 10 صناديق ، ثم الصين بعدد 6 صناديق وأستراليا 5 صناديق، وكندا 4 صناديق، والسعودية والكويت وروسيا صندوقين لكل دولة، فيما تمتلك مصر صندوقا سياديا واحدًا.
ووفقاً لأحدث بيانات معهد «إس دبليو إف آي»، الذي يرصد تطور قيمة أصول الصناديق السيادية حول العالم، تتصدر حاليا مؤسسة الاستثمار الصينية الصناديق السيادية عالميا بقيمة 1.43 تريليون دولار، وجاء الصندوق التقاعدي النرويجي ثانيا بقيمة 1.136 تريليون دولار، وعربيا، حاز جهاز أبوظبي للاستثمار المركز الثالث عالميا بقيمة 790 مليار دولار، تلاه الصندوق السيادي لهيئة الاستثمار الكويتية بقيمة 750 مليار دولار، ثم صندوق الاستثمارات العامة السعودي بقيمة 607 مليارات دولار، وجاء جهاز قطر للاستثمار في المركز الرابع عربيا بأصول بلغت 461 مليار دولار وكذلك الصندوق السيادي المصري 14 مليار دولار.
الصناديق السيادية باتت تكتسب أهمية مركزية في اقتصادات العديد من الدول؛ وذلك بالرغم من بعض التحديات التي تواجه عملها، وهو الأمر الذي ارتبط بطبيعة الأزمات التي عايشتها الكثير من الدول خلال السنوات الماضية، ولعل النموذج الأبرز على ذلك حالة جائحة كورونا؛ حيث سمحت صناديق الثروة السيادية للعديد من الحكومات بتحقيق بعض التعافي عبر الاستثمار الواسع في قطاعات حيوية، مستفيدةً من صناديق الثروة السيادية في بلدانها.
كذلك تلعب صناديق الثروة السيادية دوراً كبيراً في قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، عبر بناء القدرات، بما يمكنها من تقديم خطط وطنية طويلة الأجل في مجالات مثل الأمن الغذائي وأمن الطاقة وقضايا المناخ. واعتباراً من يوليو 2022، كان 75 % من الصناديق السيادية تتبع سياسة الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات و30 % منها حددت هدفا لتقليص انبعاثات الكربون.
وبالتالي ترى منظمة الاونكتاد أن في حوزة هذه الصناديق إمكانيات هائلة للاستثمار في التنمية المستدامة، وذلك بهدف زيادة الاستثمار والتشغيل والاستغلال الأمثل لأصول وموارد الدولة لتعظيم قيمتها وإعطاء دفعة قوية للتنمية والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة. حيث يمكن لهذه الصناديق أن تعمل في شراكة مع الحكومات، ومؤسسات التمويل، أو غيرها من مستثمري القطاع الخاص من أجل الاستثمار في الطاقة المتجددة، ومشاريع تحية المياه، والبنى التحتية، والزراعة، والتكنولوجيا، والتعليم، والصناعة عالية القيمة، وفقا للتشريعات والقوانين الأردنية، وكذلك قواعد الحوكمة العالمية.
الغد