الطب الحكومي مولد لكفاءات تهجره
نايف المحيسن
09-01-2011 03:42 PM
الواقع الطبي في الاردن يحتاج الى وقفة تأمل ومراجعة شاملة لآليات العمل ولوضع الخطط والحلول للمشاكل القائمة في القطاع الصحي بكامله واهم اولوية تحتاج للمعالجة تتمثل في نقص التخصصات الطبية اللازمة في القطاع العام حيث ان هناك هجرة من هذا القطاع الى القطاع الخاص بالدرجة الاولى والى خارج الاردن بالدرجة الثانية.
القطاع الطبي الحكومي هو الرافد الاساسي اضافة الى الخدمات الطبية الملكية لما يتحقق من نجاح للقطاع الطبي الخاص فمعظم الاطباء الذين يشار لهم بالبنان في القطاع الخاص حاليا هم من خريجي مدرسة القطاع العام بشقيه ويعود الفضل لهذه المدرسة في السمعة الطبية المتميزة التي نفاخر بها في الاردن ومن خلالها يأتي الدعم لهذا القطاع الخاص من خلال السياحة العلاجية.
القطاع الطبي الحكومي المولد للكفاءات الطبية الاردنية يعاني حاليا من نقص حاد في هذه الكفاءات ويبدو ان مخزونه قد نضب وسيكون لذلك انعكاسات سلبية ليس عليه كما هو حاله الان بل على القطاع الخاص الذي يعتمد اعتمادا كبيرا عليه خاصة وان هذا القطاع الخاص ليس لديه استعداد كما هو القطاع الحكومي لتدريب وتأهيل الكفاءات الطبية بل هو قطاع مستهلك للكفاءات وليس صانعا لها كما هو حال القطاع الطبي الرسمي.
نعاني من نقص في تخصصات هامة جدا وتحتاج اليها وخاصة في مجالات الاعصاب والقلب والامراض الباطنية والعظام والتخصصات الدقيقةوما لدينا في القطاع الحكومي من هذه التخصصات وغيرها من التخصصات الهامة هي اعداد قليلة جدا وهناك تسرب من الموجود باستقطابهم في القطاع الخاص او استقطابهم في خارج البلاد وخاصة الدول الخليجية التي من اولويات احتياجاتها حاليا هي الاطباء وخاصة الاخصائيين في المجالات النادرة او القليل من الكفاءات فيها.
انعكاس هذا الواقع نجده في المستشفيات حيث نجد ازدحاما مستمرا للمرضى في المستشفيات الحكومية من قبل من يطلبون الخدمة في هذه المستشفيات وقد لا نجد كثير من التخصصات المطلوبة في المستشفيات فما بالك في المراكز الصحية خاصة وان هناك مناطق ومحافظات يعتمد المرضى فيها على المراكز الصحية نتيجة انعدام وجود المستشفيات فيها وهذه المراكز لا يوجد او لا تهتم الجهات المعنية بتوفير التخصصات فيها.
مستشفى البشير لا يزال يقدم الخدمة ولا ندري كيف يقدمها والقائمون عليه لا يدرون فهذا المستشفى الذي يعاني من سنوات دون زيادة في الاهتمام به يراجعه ما يقارب المليون مواطن سنويا وتجري فيه 22 الف عملية و 19 الف حالة ولادة ويراجع عياداته اكثر من نصف مليون مواطن ويراجعه يوميا ما بين 15-20 الف مواطن ويؤمن الاقامة لما لا يقل عن اربعمائة طبيب سنويا للحصول على البورد الاردني للتخصص في المجالات الطبية المختلفة فالمستشفى يعاني من استنزاف في التخصصات الطبية المختلفة وقلتها رغم انه عبارة عن مصنع ويجب اعطائه العناية التي يستحقها لرفد الاردن بالتخصصات المطلوبة.
ان هذا الواقع يتطلب من وزارة الصحة وضع الخطط المناسبة طويلة ومتوسط المدى لمعالجة هذا الوضع القائم والمتمثلة اولا في وقف النزف وهروب الكفاءات خاصة لخارج الاردن وثانيا الاهتمام بالتدريب وتحفيز الاطباء للتخصصات المطلوبة والتي نحتاج الى الكثير منها والتوسع في عمليات الابتعاث للخارج للحصول على التخصصات النادرة ووضع ضوابط للابتعاث والاستفادة من تجربة الخدمات الطبية الملكية في هذا المجال والاهم هو وضع حوافز مجزية للاطباء ومقارنة وضع الاطباء في القطاع الحكومي بغيرهم سواء في القطاع الخاص او التعليمي او غيره من القطاعات لتحفيز الاطباء على الخدمة في المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية.
ونتمنى التوسع في القبول في الجامعات لدراسة الطب وان تسعى الجامعات لايجاد الاليات المناسبة للتخصصات الطبية المختلفة بالتعاون مع وزارة الصحة والتوسع فيها ولا مانع من الزيادة في هذه الحالة لنكون مصدرين للكفاءات الطبية الاردنية للخارج شريطة ان نراعي وضعنا بكل امانة ومسؤولية فصحة المواطن مهمة والمواطن هو ثروتنا الاساسية وعلينا ان نحافظ عليه.