التل يكتب: الضفة بين الأردن وإسرائيل وفلسطين ..
محمد حسن التل
08-07-2023 05:04 PM
رغم التغير الكبير الذي طرأ على خارطة القضية الفلسطينية على الأرض وعلى المفهوم الدولي إزائها واعتراف كثير من دول العالم بأحقية الفلسطينين بدولة مستقلة وتغير طبيعة الصراع جذريا على الأرض، واتجاهه نحو الصدام المباشر بين الفلسطينين والكيان الإسرائيلي ورفض المجموع الفلسطيني وجود لهذا الكيان على أرضهم، ليس فقط في الضفة الغربية، بل رفض الفلسطينيين امتد حتى الأراضي التي احتلت عام 1948، واستلام الشباب الفلسطيني زمام المبادرة للأحداث الجارية هناك، وعدم اعترافهم حتى بسلطة رام الله، وفرضهم أمرا واقعا جديدا على الأرض نحو هدفهم في التحرير وإقامة الدولة الفلسطينية، لا زال البعض لدينا هنا يتحدث عن أمور طوتها الأيام وتجاوزتها الأحداث، كفكرة إعادة الإرتباط بين الأردن والضفة الغربية، وخيار الفدرالية أو الكونفدرالية، وهي أفكار تجاوزتها الأحداث والتطورات على الأرض في فلسطين، حتى في دوائر السياسة العربية والدولية، ناهيك أن الأردن تاريخيا يرفض هذه الخيارات.
ويحمل ملف خيار قيام الدولة الفلسطينية على المستوى الدولي إضافة إلى الرفض الفلسطيني، لأن ما يجري هناك يرسم طريقا واحدا نحو الدولة المستقلة، ولا خيار دون هذا الخيار، فمن غير المقبول والمعقول بعد كل هذه التضحيات العظيمة والإصرار الكبير الذي يظهرهما أبناء فلسطين أن يتنازلوا عن حلمهم الذي طال انتظاره، وسبب آخر لاستحالة حدوث ما يشير إليه البعض هنا أن الإسرائيليين أنفسهم لا يفكرون بهذا أساسا، فالضفة الغربية بالنسبة لهم أهم وأقدس من أراضي 1948، فهم يعتبرونها كما في أدبياتهم الدينية "يهودا والسامرة"، التي تضم القدس، وفي مشروعهم التاريخي التنازل عن "تحريرها" خيانة للفكرة اليهودية في فلسطين.
القادة الإسرائيليون يريدون فقط سلطة وهمية للفلسطينيين في رام الله، وعنوان لا محتوى له حتى لا يتحملوا مسؤولية إدارة الضفة الغربية، مع بقاء قبضتهم العسكرية والأمنية عليها واستمرار الإستيطان، وهذا يعني احتلال مجاني مع دعم اقتصادي شحيح للسلطة حتى تظل موجودة لإتمام مشروعهم التاريخي في احتلالهم لكل فلسطين.
ويؤكدون على اختلاف توجهاتهم السياسية والدينية أنه لا وجود في أجنداتهم شيء اسمه الدولة الفلسطينية، فإذا كانت هذه فكرتهم وهذا مشروعهم، فهل سيرضون بخيارات لا زال البعض يناقشها عندنا وقد أصبح الحديث عنها باهتا، ولا أساس له عند أي طرف من أطراف القضية، ناهيك كما أشرت أن الفلسطينيين أنفسهم لن يتنازلوا عن حقهم بإقامة دولتهم المستقلة، المشروع الذي يقوده الآن شباب يدفعون دماء كثيرة في سبيلها وتضحيات لا حد لها على هذا الطريق، وبالتالي أي حديث عن خيار غير خيار الدولة الفلسطينية لا قيمة له، والتنظير له لا فائدة منه في ظل تطورات هائلة حدثت على ملف القضية، إضافة إلى أن الأردن يرفض كل فكرة تجعله حلا وسطا بين إرادة الفلسطينيين في إقامة دولتهم وإصرار إسرائيل على استمرار احتلال الضفة الغربية.