الشيخة والعادات العشائرية
مرشد القرالة
07-07-2023 06:06 PM
إن العشائر الاردنية تعتبر إحدى المكونات الأساسية للمجتمع الاردني وذلك إنطلاقاً من كونها وحدة اجتماعية راسخة ، أركانها الانتماء للوطن والولاء للعرش الهاشمي وطاقاتها مسخرة لخدمة الاردن بعيداً عن العصبيات الضيقة والمصالح الشخصية .
إلا أن كثرة الاجتهادات والاختلافات والبدع الدخيلة والمغالاة والتشدد أدى إلى حصول بعض الممارسات التي من شأنها التسبب في إشكالات واضطرابات مجتمعية .
وما لم نؤمن به حتى الأنن هو أن الزمان تقدم وتغير ولم تعد بعض الأعراف العشائرية القديمة مقبولة في وقتنا الحاضر والتي أصبحت تشكل إجحافاً مجتمعياً كالعنت في فرض الجلوة العشائرية والعطوة والدية بصوره غير مشروعه وغيرها الكثير من العادات والتقاليد التي لم تعد مقبولة في وقتنا الحاضر .
وعلى الصعيد التاريخي كان للوثيقة العشائرية التي وقعت عام 1987 من قبل شيوخ المملكة والتي وشحت بتوقيع ومباركة جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، الأثر الكبير في الحد من سريان بعض العادات والتقاليد المبتدعة والتي لا تمت لعاداتنا النبيلة بصلة ، إلا أننا نشهد في الواقع الحالي خروجاً وإبتداع مسميات جديدة وغريبة عن قيمنا وهذا كله تحت مسمى " العشائرية ".
لا بد من امتلاك هذه العشائر منظومة متكاملة من الأعراف والعادات والتقاليد والسلوكيات التي تحكم الحياة ضمن مجتمعها بما فيها منظومة السلطة داخل كل عشيره ومع العشائر الأخرى إلاّ أنّ العديد من الممارسات العشائرية التي ما زالت قائمة ومعتمدة في الكثير من المحافظات ، لا تتفق مع العدالة بصلة وبعيده كل البعد عن الانخراط في النظام العام للدولة .
أما عن لقب الشيخ فقد أصبح هذا اللقب واسع وفضفاض يدخل تحته من يستحق ومن لا يستحق والواقع شاهد بهذا ، فمن حفظ بعض المتون سمي شيخاً ومن القى موعظة سمي شيخاً ومن بحث في مسألة وأجادها ومن أبرز نفسه سمي شيخاً والغريب أن العامة اغتروا بهذا اللفظ وأصبحت الفتوى والكلمة والحكم بيد من يعلم ومن لا يعلم !!!!!
حديثاً سمعنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي وعلى نحو متكرر بأن هناك ما يقارب ١٢٢٥ طلب مقدم للديوان الملكي العامر للحصول على لقب شيخ وقرأت أيضاً أن من ناحية تاريخية كانت العشائر لها شيوخ تاريخين ( بيت شيخة / وراثة أو بالحضور وإثبات الذات قد تتنقل بين افخاذ العشيرة ، لكن منذ اكثر من عقدين بدأت هذه الفكرة ( طلب لقب شيخ ) .
شهدنا في الأيام السابقة كثره التعليقات المسيئة على وسائل التواصل الإجتماعي عند الحديث عن هذه المسألة ومعظمها يستنكر حمل هذا اللقب بناء على طلب أو منحه , وكان القائمين على هذه التعليقات والاراء يعتبرون ذلك من قبيل استجداء المكارم بالذل وأن المشيخة لها أسس وقيم ومبادئ أساسية وهذه القيم بالتالي لا تمنح ولا تطلب .
ومن جانبي أرى أن هذه الاراء لا تتفق مع تقدم المجتمع في الوقت الحاضر كما لا تتفق مع دستورنا الأردني والذي نص في المادة السابعة والثلاثون منه على أن " الملك ينشئ ويمنح ويسترد الرتب المدنية والعسكرية والأوسمة وألقاب الشرف الأخرى وله أن يفوض هذه السلطة إلى غيره بقانون خاص. "
وكما يقول البعض - وبحق - أن الشيخة من الأساس منحة وبحكم الدستور منذ تأسيس إماره شرق الاردن حيث كانت تمنح تحت بند توجيهات وفي الديباجة يكتب صدرت الإرادة المطاعة بتوجيه لقب ...... إلى ........
وكما يرى هذا الرأي وبحق أن إرتباط الشيخة بإرتداء الزي التقليدي في نظر الكثير إرتباطاً في غير محله فالعباة لا تصنع شيخاً ، كما أن ليس كل من ارتدى اللباس الرسمي يعتبر أفندي .
وكما يقول النائب السابق الدكتور هايل ودعان الدعجة أن هذه الطلبات لم تقدم بيوم وليلة .. وإنما تم تقديمها على مدى ٢٥ عاما .. وأن تقديمها لا يعني الموافقة عليها .. وإنما يتم دراستها من قبل جهات مختصة لمعرفة مدى إستحقاق أصحابها لهذا اللقب.. علماً بانه قد تم رفض الكثير منها.
ومن وجهه نظري أرى سلامه هذا المنهج وإعمال نص المادة السابعة والثلاثون من الدستور الإردني بحيث تكون صلاحية منح هذا اللقب لجلالة الملك وذلك تفادياً للنتائج السلبية التي يخلفها منح هذا اللقب لمن لا يستحقه طالما أنه أصبح مرتبطاً بارتداء الزي التقليدي ، ولعل من أفضل ما قرأت في لفظ الشيخ إصطلاحاً كلام الامام العيني فقد قال: " الشيخ هو من يصلح أن يُتّلمذ له، و إن كان لم يبلغ حد الشيخوخة، وهذا باصطلاح القوم . "
وكذلك فالشيخ من يصلح أن يتولى الأمر , لا من يرتدي الزي التقليدي المتعارف عليه ( العباة ) أو من يلقي كلمه مؤثرة .