استقطاب الطلبة الوافدين بحاجة لتكثيف الجهود
د. تيسير العفيشات
07-07-2023 10:09 AM
كنا تناولنا في مقالة سابقة قبل اكثر من من عامين وبالتحديد في شهر نيسان عام2021 هذا الموضوع بشكل ما وكنا قد تطرقنا الى خطة الاستقطاب التي تبنتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعد ان اقرتها رئاسة الوزراء والتي كنت احد المشاركين في اعدادها آنذاك عندما كنت اعمل مديرا لمؤسسات التعليم العالي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وكان يراس فريق اعداد الخطة آنذاك الدكتور هاني الضمور وكان يشغل منصب امين عام الوزارة والتي كانت تظهر ان اعداد الطلبة الوافدين في (عام 2016 " 35946" طالب وطالبة غير أردنيين، بينما بلغ المجموع الكلي لاعداد الطلبة في مؤسسات التعليم العالي (الاردنيين وغير الاردنيين) "286091" طالب وطالبة عند اعداد الخطة ، وان نسبة اعداد الطلبة الوافدين من المجموع الكلي بلغ ما نسبته 12.565% . وقد بلغت نسبة الطلبة الوافدين في الجامعات الرسمية 8.4% بالنسبة الى مجمل العدد الكلي فيها، وبلغت في الجامعات الخاصة ما نسبته 23.3 %) هذا ما ورد نصا في الخطة وكانت الخطة التي تبناها مجلس الوزراء آنذاك تستهدف (العمل على استقطاب اكثر من 80 الف طالب وطالبة من الطلبة العرب والاجانب بحلول عام( 2020).فخلال سبع سنوات وصل الرقم الى (41850) طالب وافد في الجامعات الأردنية لغاية الان من(109 )دولة حول العالم وهم يشكلون ما نسبته( 11% )من اجمالي الطلبة في الجامعات الاردنية علما بان هذه النسبة كانت حوالي( 14%) عام 2017 وهناك( 54% )من هؤلاء الطلبة في الجامعات الخاصة بواقع 22497 طالب وهناك( 46% )منهم في الجامعات الرسمية بواقع ( 19353) طالب علما بان اعداد الطلبة في الجامعات الرسمية اضعاف اعداد الطلبة في الجامعات الخاصة ما يعني ان نسبة الطلبة الوافين الى اجمالي الطلبة في الجامعات الرسمية هي متواضعة بالمقارنة مع الجامعات الخاصة ما يعني ان الجامعات الخاصة اكثر قدرة على استقطاب الطلبة الوافدين على الرغم ان اغلب الاتفاقيات الثقافية مع الحكومات الشقيقة والصديقة هي توطن الطلبة في الجامعات الرسمية ما يعني ان هناك قصور واضح من الجامعات الرسمية في استقطاب الطلبة الوافين ولو توفرت الظروف أيضا للجامعات الخاصة أيضا لاستطاعت جذب اعداد أخرى من الطلبة الوافدين .
وهذه الأرقام تظهر بان قطاع التعليم العالي لم يستطيع الوصول الا الى نصف العدد المستهدف بخطة الاستقطاب 2017 بنسبة زيادة قدرها 16.4% خلال سبع سنوات أي زيادة سنوية قدرها2.3% سنويا وكان المستهدف 25%، هذا يدل اننا تقريبا ما زلنا نراوح في مكاننا وان الزيادة 2% هي زيادة طبيعية تعود الى ظروف عدم الاستقرار في المنطقة والزيادة السكانية الطبيعية أيضا على الرغم من ان الاقتصاد الأردني هو في الغالب اقتصاد خدمي ويعتبر قطاعي التعليم والصحة من ركائزه الأساسية فماذا فعلنا لهذا القطاع الأساسي في اقتصاد الدولة التراجع ملحوظ ولا احد يستطيع تبرير ذلك الا الاعتراف بان هناك تقصير كبير وتخط مخيف في إدارة هذا القطاع الاستراتيجي ولا بد من إعادة شحذ الهمم لإعادة هذا القطاع الى ما كان عليه مع بداية الالفية الثانية واولها إعادة الثقة للعالم والاقليم بمستوى التعليم الأردني وكانت الشقيقة المملكة العربية السعودية وهي الجار والسند قد إعادة الثقة بمؤسسات التعليم العالي الأردنية بعد ان تأكدت من مستوى خريجين الجامعات الأردنية سواء من الطلبة السعوديين او الأردنيين العاملين في المملكة العربية السعودية وهي التي تشهد تطور كبير في مختلف القطاعات .وعليه يجب على إدارة القطاع بكافة مكوناته مجلس التعليم العالي و وزارة التعليم العالي وهيئة التعليم العالي والمؤسسات التعليمية بتنسيق عالي ومخطط لجلب اكبر عدد من الطلبة الوافدين من الإقليم وكذلك عالميا وبشكل خاص شرق اسيا لكليات الشريعة والآداب ولا ننسى دول المغرب العربي وافريقيا وذلك من خلال :
- زيادة الوعي والمعرفة لدى الطلبة الوافدين عن التعليم العالي في الاردن وميزاته، اي التعريف بالبرامج الاكاديمية والخدمات التعليمية التي تقدمها مؤسسات التعليم العالي الاردنية.
- زيادة عدد الطلبة الوافدين للدراسة في مؤسسات التعليم العالي الأردنية من خلال تقديم ميزات للطالب الوافد لكي تكون عناصر جذب لهؤلاء الطلبة مثل: تسهيلات القبول تقديم عدد من المنح كما يحصل في الجامعات العالمية لان كل طالب يقبل في الجامعات الأردنية قد يجلب لاحقا خمس طلبة من منطقته وبشكل خاص إذا ما تم الاهتمام بشكل مناسب في الطلبة وحل مشاكلهم.
-تحديد البرامج الاكاديمية المطلوبة بشكل أكبر وفقا للأسواق الإقليمية الدولية المستهدفة وتوجيه مؤسسات التعليم العالي لتطويرها او استحداثها لجذب الطلبة من هذه الاسواق
-تشجيع مكاتب الخدمات الجامعية على تركيز نشاطاتها على جذب واستقطاب الطلبة الوافدين وان تقوم الجامعات بالتعاون مع هذه المكاتب التي تعمل بشكل قانوني ومنظم لتشكيل منظومة متعاونة ومتناسقة في هذا المجال.
-التعرف على العوامل التي يمكن ان تدعم عملية استقطاب الطلاب الأجانب والعرب وتحديد ما يمكن عمله من الاستثناءات في المعدل والإعفاءات الجمركية والامتيازات للطلبة من حيث الضريبة والسكن والإقامة والسياحة و.... التي من شانها ان تجعل البيئة التعليمية الأردنية بيئة جاذبة.
-خلق ووضع الثقافة التسويقية لمؤسسات التعليم العالي الاردنية وبشكل خاص الرسمية للتعريف بالمؤسسات التعليمية وبرامجها وميزاتها التنافسية مع اقرانها الإقليمية والدولية في هذه الأسواق المستهدفة والتركيز على التسويق الرقمي وهو الأكثر استخداما الان والذي يمكن ان تصل به الى عنصر الشباب وهو الفئة المستهدفة ويكون ذلك باستخدام تطوير الموقع الالكتروني للجامعة الخاص بها، والذي يمثل الواجهة التقنية الأساسية للجامعة. وتطوير نظام [CRM] الخاص بخدمات العملاء (الطلبة) المباشر بالجامعة وبناء العلاقات المستمرة معهم. تطوير نظام التسجيل الالكتروني وتطوير نظام الحرم الجامعي الالكتروني [CMS] لدعم طلبات الالتحاق بالجامعة. والعمل على إدراج مواقع الجامعات في المزيد من محركات البحث العالمية.
-التعاون مع المكاتب والملحقيات الثقافية والبعثات الدبلوماسية الرسمية التابعة للمملكة الأردنية الهاشمية في الخارج لاستقطاب الطلاب وكذلك استخدام الطلبة الخريجين الدوليين للحديث عن الجامعة او لجذب زملائهم واصدقائهم مقابل منح دراسية او ميزات أخرى تعطى للطلبة النشطاء في هذا المجال وكذلك تمتين العلاقات مع الملحقيات الدبلوماسية والثقافية للهيئات الدبلوماسية لدى المملكة الأردنية الهاشمية.
-استضافة وترتيب زيارة لطلاب المدارس الثانوية الاقليمية والدولية داخل وخارج الأردن، والعمل على تشجيع ودعم إقامة نادي لخريجين الجامعات الأردنية في تلك الدول والتواصل معهم ومتابعة تواجدهم واماكن عملهم. كل ذلك يعتبر محركات لتشكيل رافعة متكاملة للوصول الى الأسواق الإقليمية والدولية لجذب اكبر عدد من الطلبة الوافدين لإعادة هذا القطاع ليكون رافد رئيسي للدخل القومي وتحسين الاقتصاد الأردني لأننا جمعا نعلم ما حجم انفاق 80000 طالب وافد في الأردن لو قام كل طالب بإنفاق 10000 دولار في العام الواحد فكل عام سيدخل بشكل مباشر وغير مباشر حوالي 800 مليون دولار في العام الواحد وسيكون رافد رئيسي للاقتصاد الوطني.
نتمنى على قطاع التعليم العالي ان يفعل الخطة الاستراتيجية الجديدة لاستقطاب الطلبة الوافدين لكي لا يكون مستوى إنجازها مماثل لمستوى انجاز خطة 2017 وأود ان اشير الى ان تخصيص مبلغ متواضع يقدر ب50000 دينار سنويا لا يمكن ان يلبي الطموحات لانجاز الأهداف المرجوة من الخطة الجديدة .