استهجن الوالدان ذلك العداء الذي يحمله ابنهما " معن " في داخله ، على مدى 22 عاما ، فهما يعانيان من سلوك ابنهما العدائي ، انه دائم الشجار مع أطفال العائلة والأصدقاء الذين يحضرون لزيارتهم ، وإذا ما خرج للعب مع أقرانه في الحي يعود " يا ضارب يا مضروب" .
الأجواء المدرسية لم تكن أكثر سلامة ، فعلاقة " معن " مع زملائه يشوبها الكثير من التوتر والمشاحنات، التي تتطور في أحيان كثيرة إلى عراك بالأيدي ، أجبرهم كأولياء لأمره مرافقته مرارا لإدارة المدرسة ، للوقوف على أسباب الصراعات التي يتحمل " معن " جزءا منها ، كما يتحمل زملاؤه الجزء الآخر منها .
كان " معن " يستمتع ، وهو في طريق عودته للمنزل بركل أي حجر أو علبة فارغة أمامه ، وإذا ما صادف شجرة قام بشد جذعها بعنف ، إلى أن تنقطع ، أما هوايته المحببة فهي تمرير مسمار يحمله في جيبه دوما على السيارات، التي تقف على جانب الطريق ، ولا يستثني مقاعد الباصات أو سيارات السرفيس من هذا الأذى ، ولا يجد مانعا من إلصاق العلكة على المقاعد وتحت الأدراج .
وكثيرا ما عبر " معن " عن غضبه في تكسير بعض أواني المطبخ الزجاجية ، ولا يهنأ له بال إلا بعد أن يكسر ويتلف ألعابه التي يحضرها له والده أو الأصدقاء.
انتقل " معن " ومن هم في عمره إلى الجامعة ، حاملين معهم مشاكلهم ومشاحناتهم ، اشترك خلالها بالعديد من المشاجرات حول أمور عدة ، حُرم على إثرها من فصل دراسي ؛ لتورطه في إتلاف بعض موجودات مرافق الجامعة .
تخرج " معن " وحصل على وظيفة براتب محترم ، فرح كما فرح الأهل بهذه الوظيفة ، إلى أن جاء اليوم الأول وسجل " معن " أول اشتباك بالأيدي مع زميل له بالعمل ، إثر خلاف بالرأي ، تطور إلى تكسير موجودات المكتب ، تحمل " معن " أثمانها ، كما تحمل نتيجة تصرفه بخسارة حلم العائلة ، ألا وهي الوظيفة.
لسان " معن " لا يكف عن سخط ظروفه وأوضاعه ،فهو دائم الانتقاد ، لا يعجبه أي شيء ، و يتذمر لمجرد التمرد ... ويتحدث بغضب ، ونقاشه أقرب إلى الصراخ ، أما آراؤه فهي فرض غير قابلة للأخذ والعطاء ،وهواياته المحببة ، فكانت تحريف ونقل الكلام بين الأصدقاء بطريقة ، تحملهم إلى الثأر لأصولهم وأنفسهم ..
في لحظة صمت ، نظر الأب نحو الأم وهي تضع يدها على بطنها لتتحسس مولودها الذي انتظرته سنوات طويلة من مولد " معن " ، وأخذت تقول : سأطلق عليه أسم " انتماء " ، ولن أغفل عن فطامه على حب الوطن ، فهذا ما ينقصنا بعد ال"معا...ناة " .
Jaradat63@yahoo.com