..أما أنا ، فان جل أمنياتي أن انجح في أن أكون فاسدا ، سأسرق من المال العام ، ولن ينجو مني المال الخاص ، سأعتبر كل ما في جيب الحكومة كما لو هو في جيبي ، والعكس ليس صحيحا ، أما الناس فسوف احتال عليهم بكل السبل المعروفة وغير المعروفة دون أن يرف لي جفن أو ضمير ، ودون خوف من الانكشاف.. فلا يهمني أن يعرفوني أو يكشفوني أو يسجنوني.
بكل هذه الثروة الفاسدة التي سوف أجمعها سوف أنجح في أن أكون مؤهلا لأن لا يحتجزوني مع المواطنين العاديين المنتشرين كالدحنون في السجون.. هذا قتل ابنة عمه ، وذاك لم يدفع النفقة لزوجته ، وآخر سرق 300 دينار من شريكه ، وهؤلاء شيكات مرتجعة.. وغيرهم من المتهمين والمحكومين بهذه الجنح والجنايات المضحكة ، بالنسبة لما افعل أنا.
نحن الكبار.. الكبار ، لا ننسجن مع هؤلاء ، فنحن والحمد لله وصلنا لدرجة من التقدم والازدهار لنحترم أقدار الناس ومستوياتهم ، فلا نسجن مع البسطاء وأصحاب السوابق الذين خسروا حرياتهم من أجل عدة عشرات من الدنانير ، أو لجريمة قتل أو قلة شرف.
لقد اصبحت فاسدا وسرقت واحتلت على الناس وهبشت المال العام ، ليس من اجل المال ، فأنا مقتدر والحمد لله ، لكني قمت بكل ذلك حتى يسجنوني في سجن "سلحوب" مع الكبار المحترمين امثالي.
سلحوب ، وما أدراك ما سلحوب ، أنه فندق عشر نجوم ، تنام فيه دون أن تهكل هم دنيا ولا عذاب آخره.. غرف خاصة.. مساج.. قاعات رياضة ومكتبات عامة وجاكوزي و"دن دن ورسن".. كل ما تريد هناك.
ربما سأقوم هناك بابتكار شخصية "ابو سلحوب" على غرار شخصية أبو محجوب التي ابتكرها صديقي عماد حجاج ، او أكتب اغنيات مثل:
سلحوب طل من الشباك.. وقاللي يا نونو.
وربما أتحول الى فنان تشكيلي دون أن أشكيلك.. فأنا مرتاح وبأمان مطلق تماما.
ghishan@gmail.com
(الدستور)